رسمياً، أُغلق جزء كبير من الحكومة الفيدرالية الأميركية الشهر الماضي، لكن الأخيرة متغيبة عملياً منذ نحو عامين. لقد كان الإنجاز التشريعي الوحيد للجمهوريين هو التخفيض الضريبي الذي فاقم العجز من دون فعل أي شيء لتعزيز آفاق النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
وفي هذه الأثناء، لم تكن هناك أية إشارة إلى خطة البنية التحتية التي وعد بها ترامب، وبعد سنوات طويلة من شجب قانون «أوباماكير» ووعود بتقديم عقود أفضل، اتضح أن الجمهوريين ليست لديهم خطة لحماية الأميركيين أصحاب الحالات المرضية المسبقة.
لماذا إذن يحكم الجمهوريون؟ بالطبع، لا يتعلق الأمر بمجرد أن الحزب ملتزم بأيديولوجية تقول إن الحكومة هي دائماً المشكلة وليست الحل. فعلاوة على ذلك، جرّدوا أنفسهم من القدرة على تحليل السياسات والتعلم من الأدلة، لأن التفكير الجدي قد يفضي بالبعض إلى التشكيك في منهجهم.
ولا يزال الجمهوريون يسيطرون على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض. لذا حتى عندما يتم إنهاء الإغلاق الحكومي، فسنظل، على الأقل لمدة عامين، من دون حكومة قادرة حقاً على الحكم أو راغبة فيه.
لكن أميركا بها نظام فيدرالي، وقد مهّدت انتخابات 2018 الساحة أمام موجة جهود حقيقية لحل المشكلات، على مستوى الولايات وعلى المستوى المحلي.
وحتى وقت قريب، كان الجمهوريون يهيمنون على حكم الولايات. ونحو نصف السكان كانوا يعيشون في ولايات يسيطر فيها الجمهوريون على كلتا الغرفتين التشريعيتين إلى جانب منصب الحاكم. ولم يكن للديمقراطيين سيطرة مماثلة سوى في كاليفورنيا.
لكن الانتخابات غيرت هذه الصورة، فنيوجيرسي وواشنطن تحولتا إلى الديمقراطيين، ومعهما 6 ولايات إضافية، بينها إلينوس ونيويورك. وقد أضحى أكثر من ثلث الأميركيين يعيشون تحت سيطرة ديمقراطية كاملة، وهو ما لا يقل كثيراً عن السيطرة الجمهورية.
وهذه الأغلبية الديمقراطية في العديد من الولايات تتحرك بسرعة لاستعادة الحكم، مما يشي بأنها قادرة على تحقيق الكثير.
ولننظر إلى تجربة كاليفورنيا، حيث سيطر الديمقراطيون بالكامل في 2011، وانتقد المحافظون الزيادات في الضرائب والإنفاق والحد الأدنى للأجور التي فرضها الحاكم الديمقراطي «جيرمي براون»، وأعلنوا أن الولاية مقبلة على «انتحار اقتصادي». لكن الاقتصاد ازدهر وأدى التطبيق الحماسي في كاليفورنيا لإصلاح التأمين الصحي إلى انخفاض شريحة السكان غير الخاضعين للتأمين من 18? عام 2011 إلى 7? عام 2017.
وإذا نظرنا أيضاً إلى نيوجيرسي، التي سيطر الديمقراطيون على السلطة فيها العام الماضي، وبدؤوا بتطبيق سلسلة من التدابير، ضمنها إعادة فرض شرط شراء الأفراد لخطة تأمين صحي، وكانت النتيجة انخفاضاً حاداً في أقساط التأمين، لتصبح من الأقل في أنحاء البلاد.
ومع توسع سيطرة الديمقراطيين، يمكننا أن نتوقع زيادة في هذا النوع من النشاط. وقد اقترح الحاكم الجديد لكاليفورنيا، «جافين نيوزوم»، مزيداً من الإجراءات بشأن الرعاية الصحية، بما في ذلك تفويضاً مماثلاً للمطبق في نيوجيرسي، ووسع نطاق المساعدات للطبقة المتوسطة. أما حاكم واشنطن فيقترح خطة تأمين حكومية يمكن للسكان شراؤها. فيما يقترح عمدة نيويورك تدابير من شأنها ضمان تغطية صحية لجميع سكان الولاية، بمن فيهم المهاجرون غير الشرعيون في الولاية.
والرعاية الصحية ليست الجبهة الوحيدة، ويقترح «نيوزوم» مثلا، المزيد من الإنفاق على التعليم والإسكان، لاسيما في ظل ارتفاع تكاليف السكان.
والآن، دعونا نكون واضحين: لن يتم تطبيق جميع المقترحات السياسية الديمقراطية، ولن ترقى جميع المقترحات المطبقة إلى مستوى التوقعات.. لكن من الواضح أن السياسيين الذين تولوا مهامهم حديثاً يرغبون في المجازفة وتجريب أمور جديدة في محاولة لإحراز تقدم حقيقي بشأن حل مشكلات البلاد. وهذه بادرة أمل حقيقية لأميركا، ونموذج قابل للانتشار.

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/01/17/opinion/shutdown-democrats.html