الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لمدينة العين (أحب المدن إلى قلب زايد) وخاصة قصر المويجعي الذي اتخذه الشيخ زايد، رحمه الله، مقراً للحكم عندما تولى أول منصب سياسي في حياته، وهو منصب ممثل الحاكم في العين، هذه الزيارة كانت حديث الناس في كل أرجاء البلاد، فمنهم من رأى أنها دليل على حب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لوالده فأراد أن يعيد الذكريات الجميلة التي شهدها قصر المويجعي أثناء فترة حكم الشيخ زايد التي امتدت من عام 1946 إلى عام 1966.
بنيت قلعة المويجعي، أو كما يطلق عليها قصر المويجعي، بالقرب من واحات النخيل منذ نحو 100 عام، حيث تم تشييده في عهد الشيخ زايد بن خليفة الأول وعلى يد ابنه الشيخ خليفة بن زايد بن خليفة. وبعد وفاة الشيخ خليفة الأول، انتقل القصر إلى ابنه الشيخ محمد بن خليفة، ومنذ أن تولى الشيخ زايد، رحمه الله، منصبه السياسي ممثلاً للحاكم في واحة العين عام 1946، وكان عمره نحو 28 سنة، اتخذ من قلعة المويجعي مقراً لإدارة شؤون المنطقة، فالقلعة أصبحت مقراً للحكم، وديواناً للحاكم، ومنزلاً للعائلة، وشهدت في عام 1948 ولادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وقد قام الشيخ زايد، رحمه الله، بإدخال إضافات إلى القصر، فقد أمر بتوسعة غرف الضيوف، كما أمر بتوسعة المطبخ، حتى يتمكن من إعداد الطعام بشكل أكبر لضيوفه الذين يتوافدون من كل مكان، وفي عهده تمت توسعة المسجد ومبنى الديوان حتى يسع الجموع الكبيرة من المواطنين. وبالأمس القريب عندما استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الأهالي في مجلس المويجعي ذكّرنا بهذا المجلس العامر الذي كان يلتقي فيه الشيخ زايد ضيوفه وأهالي المنطقة، وذكرنا أيضاً بما كتبه الرحالة عن هذا المجلس العريق، الذي كان يلتقي فيه الأهالي، وخاصة في الأعياد والمناسبات.
شهد قصر المويجعي الكثير من القرارات التي اتخذها الشيخ زايد، رحمه الله، كإنشاء أول مدرسة في المويجعي عام 1956، وأول مستشفى في بداية الستينيات، كما كان القصر نقطة انطلاق للزيارات الخارجية للشيخ زايد التي بدأت بالهند، كما زار بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية ولبنان ومصر وسوريا.
وفي هذا القصر، التقى الشيخ زايد، رحمه الله، العديد من الرحالة والكتّاب الأجانب، ومنهم ويلفرد ثيسيجر (مبارك بن لندن) الذي وصل إلى المويجعي في منتصف إبريل 1948، ومكث نحو شهر في قصر المويجعي، رافق الشيخ زايد خلال زياراته اليومية للأهالي ومتابعته الأعمال، إضافة إلى رحلات الصيد بالصقور، وصدر عنه لاحقاً كتاب "الرمال العربية" الذي يعتبر مرجعاً مهماً لتاريخ المنطقة.
يحمل قصر المويجعي الكثير من الذكريات، فقد كان مقراً لتوزيع المعونات على الأهالي في فترة ما كان يسمى (الكساد الكبير) في العالم عام 1929 بسبب الأزمة المالية العالمية، تاركاً، رحمه الله، من هذا القصر المنيع الكثير من الدروس والعبر، فها هو بعد أدائه صلاة الفجر يتجه وبشكل يومي إلى منزل والدته الشيخة سلامة بنت بطي آل حامد، رحمها الله، الذي كان يقابل قصر المويجعي، يسلم عليها، ويطمئن على أحوالها، ويلبي طلباتها، ويطلب منها الدعاء ثم يغادر إلى متابعة أعماله.
زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لقصر المويجعي فتحت صفحة جديدة في تاريخ هذا القصر العريق، وحديثه عن التلاحم والتواصل تلقته قلوب الإماراتيين على امتداد هذا الوطن الغالي بكثير من الاعتزاز والمودة. ترك لنا زايد إرثاً عظيماً في المجال الاجتماعي كما في المجالات الأخرى، لذا يجب علينا أن نتمسك به ونغرسه في نفوس أبنائنا ونحن ماضون نحو المستقبل.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية