رسخت دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى مدى سنوات، مبادئ سياستها الخارجية الحضارية والإنسانية، التي تجلب لها التقدير والاحترام على الساحتين الإقليمية والدولية، وتجعل لها صوتاً مسموعاً ومؤثراً في قضايا الإقليم والعالم. ولعل الدور الفاعل الذي قامت به الدبلوماسية البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي مؤخراً برئاسة معالي الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسة المجلس خلال زيارة البرلمان الأوروبي، تؤكد ذلك بوضوح، فقد كانت الزيارة فرصة مهمة لتوضيح رؤى ومواقف دولة الإمارات تجاه العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، وتسليط الضوء على طبيعة الدور الذي تقوم به الإمارات في دعم أسس الأمن والسلم والاستقرار والتنمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك من خلال اللقاءات التي جمعت معالي الدكتورة أمل القبيسي مع عدد من البرلمانيين الأوروبيين، التي استعرضت خلالها نهج دولة الإمارات واستشرافها للمستقبل والتخطيط له، وكيف أن التنمية البشرية والاهتمام بالتعليم والابتكار يحتل أولوية قصوى لدى القيادة الرشيدة والحكومة والمجلس الوطني الاتحادي وكافة مؤسسات الدولة، باعتبارها قاطرة التنمية وركيزة التنافسية التي تسعى إلى صدارتها، تحقيقاً لرؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071، فضلاً عن توضيح جهود الإمارات في مجالات العمل الإنساني والتنموي، باعتبارها أكبر مانح للمساعدات الإنسانية والتنموية للنازحين واللاجئين، ومد يد العون لضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والمتضررين من الكوارث الطبيعية، فضلاً عن كونها مسهماً فاعلاً في حل الأزمات، من خلال تبنيها نهج التسامح والتعايش وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار عبر الحلول السلمية والدبلوماسية لمختلف الأزمات في المنطقة والعالم.
إن الدور المؤثر الذي أصبح يمارسه المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي على الساحة الدولية، يؤكد بوضوح أن الدبلوماسية البرلمانية أصبحت تمثل إضافة ثرية إلى السياسة الخارجية الإماراتية، وأداة مهمة لعرض مواقف دولة الإمارات والدفاع عن قضاياها في جميع الفعاليات البرلمانية، وهذا يتضح بجلاء في الأداء الفاعل والحيوي للدبلوماسية البرلمانية خلال العام الماضي، حيث شارك المجلس الوطني الاتحادي في عام 2018 في97 فعالية برلمانية داخل الدولة وخارجها، وحقق العديد من الإنجازات الوطنية تنفيذاً للخطة الاستراتيجية البرلمانية التي تتضمن عدداً من المبادرات تستهدف تكامل الدبلوماسية البرلمانية مع الدبلوماسية الرسمية، والتعبير عن مواقف الدولة إزاء مختلف الأحداث والقضايا الوطنية والإقليمية والدولية، وتعزيز التواصل مع شعوب وبرلمانات العالم، وبناء شراكات برلمانية مع المؤسسات الدولية المؤثرة، وتكريس الصورة الحضارية لدولة الإمارات بما يعزز ويدعم مكانتها وريادتها ومحبة واحترام دول وشعوب العالم لها، كما تم توقيع سبع مذكرات تفاهم وتعاون ومشروعات إنشاء جمعيات صداقة برلمانية مع مؤسسات برلمانية وعربية ودولية، بهدف تفعيل العلاقات البرلمانية بين المجلس وهذه البرلمانات وتبادل الخبرات والمعارف وتنسيق الرؤى والمواقف في المحافل البرلمانية الدولية، والتأكيد على أهمية الدور الذي تلعبه البرلمانات في تعزيز الحوارات الثقافية والحضارية بين شعوب العالم، وتوحيد الجهود للحفاظ على الأمن والاستقرار والسلام، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية، وعدم إشعال الفتن الطائفية. كما وقع المجلس الوطني الاتحادي خلال عام 2018 مذكرات تفاهم وتعاون مع رؤساء برلمانات العديد من دول العالم، وتم تفعيل لجان الصداقة القائمة بين كل من المجلس الوطني الاتحادي وبرلمانات هذه الدول لتعزيز العلاقات البرلمانية وتبادل الخبرات والمعارف.
لقد باتت الدبلوماسية البرلمانية إحدى الأدوات المهمة في التعبير عن سياسة الإمارات الخارجية، والتعبير عن مواقفها إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وما تقوم به من مبادرات وجهود مختلفة تستهدف دعم الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي، فضلاً عن نجاحها في حشد الدعم والتأييد والمساندة الدولية لموقف دولة الإمارات بشأن استعادة سيادتها على الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التي تحتلها إيران، كما لعبت التحركات الخارجية للشعبة البرلمانية دوراً ملموساً في تعزيز علاقات الإمارات مع العالم الخارجي، ما يفتح آفاقاً جديدة للعمل الدبلوماسي ويقدم دعماً حيوياً لجهود الإمارات نحو الانفتاح على دول العالم، وإقامة شراكات استراتيجية معها تعزز مصالحها على المستويات كافة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية