الندوة التي استضافها البرلمان الأوروبي بمقره في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤخراً تحت عنوان «من المساعدات الإنسانية للاستقرار: الإمارات والاتحاد الأوروبي معاً» قدمت رؤية شاملة عن النهج الذي تتبناه الإمارات في مجال العمل الإنساني والإنمائي، الذي يستند إلى منظومة القيم التي أرساها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي تجعل من التضامن الإنساني والوقوف مع الدول الشقيقة والصديقة في أوقات الأزمات والكوارث، وتقديم المساعدات الإنمائية التي تعزز من جهود التنمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتعاون مع المؤسسات الأممية والدولية المعنية بالعمل الخيري والإنساني، أهم مرتكزات العمل الإنساني والإنمائي على الصعيد الخارجي. لقد أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، في كلمته في مستهل هذه الندوة، التي ألقاها نيابة عنه فهد عبدالرحمن بن سلطان، نائب الأمين العام للتنمية والتعاون الدولي في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، «أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من الدول المتقدمة في نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي وقبول الآخر، وأنها نقلت ثقافة التسامح إلى الخارج عبر مساعداتها الإنسانية والتنموية، حيث تقدم المعونات والدعم للمحتاجين والدول كافة، دون النظر لأي اعتبارات دينية أو عرقية أو طائفية، فالإنسان لديها هو الإنسان في مشارق الأرض ومغاربها، فمتى احتاج للدعم والمساندة كانت الإمارات ومنظماتها الإنسانية، وعلى رأسها هيئة الهلال الأحمر بجانبه تؤازره وتشد من عضده، ومن هنا جاء التقدير والاحترام للإمارات من الجميع دون استثناء». وهذه حقيقة مؤكدة، حيث لا تتوانى دولة الإمارات عن الانخراط في أي جهود تستهدف تعظيم مردودات العمل الإنساني والخيري، والتصدي للتحديات التي تؤثر في الأوضاع الإنسانية للشعوب التي تواجه أزمات أو كوارث أو صراعات تؤثر في حياتهم المعيشية والاقتصادية، كما أنها تتعاون مع المنظمات الأممية والدولية من أجل تنسيق الجهود الإنسانية والإغاثية كي تصل إلى مستحقيها، ولهذا فقد أعرب سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان عن أمله في أن تكون هذه الندوة فاتحة لفعاليات إنسانية أخرى بالتعاون مع البرلمان الأوروبي، يستطيع من خلالها الجانبان تحقيق المزيد من الشراكة الإنسانية، ولفت الانتباه إلى العديد من القضايا الإنسانية التي تؤرق المجمعات البشرية في الأقاليم والساحات المختلفة، وإظهار أكبر قدر من التضامن مع ضحاياها من المدنيين.
هذه الندوة، التي جاءت ضمن الزيارة الرسمية التي قام بها وفد المجلس الوطني الاتحادي برئاسة معالي الدكتورة أمل عبدالله القبيسي رئيسة المجلس إلى البرلمان الأوروبي ببروكسل، تشير بوضوح إلى نجاح الدبلوماسية البرلمانية في تسليط الضوء على جهود الإمارات في مجال العمل الإنساني والإنمائي، وإطلاع الجانب الأوروبي على الجهود التي تبذلها الدولة، وحرصها على تعزيز الأمن والاستقرار لمختلف الدول والشعوب من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والإنمائية، فضلاً عن التعبير عن رؤية الإمارات تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وهو دور حيوي يتعزز باستمرار في ظل دعم القيادة الرشيدة للمجلس الوطني الاتحادي، لكي يمارس مهامه في دعم مسيرة التنمية والتطور في الداخل، وتعزيز علاقات الإمارات الدولية والدفاع عن مصالحها في الخارج.
لقد خلصت هذه الندوة إلى أن المكانة العالمية المرموقة التي وصلت إليها دولة الإمارات في مجالات العمل الإنساني والإنمائي كأكبر مانح للمساعدات التنموية على مستوى العالم قياساً للدخل القومي إنما هي تجسيد واضح للنهج الذي تأسست عليه الدولة وتوظيفها للمساعدات الإنسانية والإنمائية في تعزيز أسس الأمن والسلم والتنمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولعل هذا يفسر حفاظ الإمارات للعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية، قياساً لدخلها القومي بنسبة 1.31% وبما يقترب من ضعف النسبة العالمية المطلوبة 0.7% التي حددتها الأمم المتحدة كمقياس عالمي لقياس جهود الدول المانحة، وذلك وفقاً لتقرير لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الصادر في شهر أبريل 2018، وهذا إنما يؤكد ريادتها في مجال العمل الإنساني والإنمائي، وأنها بالفعل تعتبر العاصمة الإنسانية الأولى في العالم، التي تتجه إليها الأنظار فيها كل مرة تحتاج فيه منطقة أو شعب إلى العون والمساندة.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية