أشرنا أكثر من مرة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، قد يرفع من مقام الشخص وقد ينقل عنه صورة سلبية، حتى وإن كان لا يقصد أن يقدم عن نفسه تلك الصورة، لكنها في النهاية تصل إلى الآخرين وتتكون لديهم انطباعات مباشرة عن الشخص وعن المجتمع الذي ينتمي إليه. بمعنى أن البعض قد ينقل صورة خاطئة عن مجتمعه من دون أن يقصد. ويبدو أن هذا ما حدث قبل أيام على هامش مباراة كرة القدم بين الإمارات والهند في إطار مباريات الجولة الثانية لدور المجموعات بكأس آسيا الذي تستضيفه بلادنا، حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشر مقاطع مصورة اعتبرها البعض مزحة، لكنها خرجت عن هذا التصنيف البريء عندما قام الإعلام المعادي للإمارات بإعادة نشرها وتناولها بسياق خبيث يسيء للمجتمع الإماراتي المتسامح.
الجميع يعرف أننا في الإمارات والخليج عموماً نتعايش مع مختلف الجاليات وفي مقدمتها الجالية الهندية التي تضم عمالة من مختلف الفئات والمهارات، إلى جانب كبار المستثمرين ورجال الأعمال والتجار الذين أسهموا في المشهد الاقتصادي الإماراتي ولهم مكانتهم وحقوقهم التي يكفلها القانون. وللتذكير مثلاً فإن تجار الهند يكتسحون سوق تجارة الذهب في الإمارات منذ عقود، ومن يستهزئ بهذه الجالية أو غيرها عليه أن يعرف أن المجتمع الإماراتي يتعامل على الدوام مع كافة الجنسيات باحترام كبير ومن منظور إنساني رحب.
ما يدفعنا لتناول هذا الموضوع هو المحاولة غير البريئة من قبل وسائل الإعلام الصفراء، التي منحها البعض، وبحسن نية، بعض المواد التي توحي بالتقليل من شأن الجالية الهندية، وهذا مناقض للواقع وللتعايش والاحترام المتبادل بين الشعبين الإماراتي والهندي.
وفيما قام بعض ضعاف النفوس بتحويل المباراة بين الإمارات والهند إلى مناسبة للاستهزاء من بعض العمال الهنود في مقاطع مصورة، كانت الجالية الهندية سعيدة بلعب منتخبها مع الإمارات، ولم يكن المنتخب الهندي يلعب من أجل الفوز كما لم يكن يخشى الخسارة، لأن اللعبة الأساسية في الهند كما نعرف هي الكريكيت، أما كرة القدم فلا تحظى بشعبية هناك.
ولطالما كانت علاقتنا بالجاليات الآسيوية جيدة. ولا ينبغي أن ننسى مثلا أن دولة كبنجلاديش لديها عدد سكان يفوق دولة عظمى مثل روسيا. وليس عيباً أن تكون الهند وغيرها من الدول الآسيوية مصدرة للعمالة.
ولا شك أن كل إماراتي يستنكر ما نقله ذلك المقطع المستفز المنشور على اليوتيوب، فهذا سلوك فردي مرفوض مجتمعياً وقانونياً. ومن يظن أنه يمزح بمفرده ويتسلى بالمقاطع الساخرة التي يصورها بحسن نية، فهو مخطئ؛ فالعالم أصبح قرية صغيرة، والكل يتابع أصغر الأفعال. لكن المؤسف أن يتم تعميمها واحتسابها على الإمارات. من هنا يظهر حجمُ التصرف الخاطئ والمستنكَر والمرفوض. والسؤال هو: لماذا نوفر لمن يكرهون الإمارات فرصة لاستغلال مشاهد مرفوضة منا أصلًا؟ حتى لو افترضنا حسن النية لدى من يقوم بمثل هذه التصرفات الفردية، تبقى العبرة بالصورة العامة التي يتم استغلالها وترويجها وإلصاقها بالإمارات، التي عرفت بالتسامح وقبول الآخر والتعايش معه طوال تاريخها.
على مَن يسخر من بعض شرائح العمال أن يعرف أن غيرهم من ذات الجنسية يحتلون مناصب ومواقع إدارية كبرى، وبعضهم يتقاضون مرتبات أعلى مما يحصل عليه المواطن، بناءً على استحقاق تفرضه مؤهلاتهم وخبراتهم العالية. كما لا ننسى ما قدمته الجالية الهندية، وباقي الجاليات الآسيوية، في ظل تعايش اجتماعي يمتد لقرنين من الزمن. ونحن في الإمارات تعودنا على عدم التقليل من شأن أي إنسان.