لم يأتِ حصول إمارتَي دبي وأبوظبي على المرتبتين الأولى والثانية إقليمياً على التوالي، ضمن مؤشر مؤسسة «نامبيو» لجودة الحياة لعام 2019 من قبيل المصادفة، وإنما جاء ذلك الترتيب استناداً إلى انتهاج حكومة الإمارتين خصوصاً، ودولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، استراتيجية شاملة عززت معايير جودة الحياة. إذ حققت دبي 174.04 نقطة وإمارة أبوظبي 172.29 نقطة من أصل 200 نقطة، ما وضعهما ضمن الأفضل عالمياً وفقاً لمؤشر مؤسسة «نامبيو»، الذي يعتمد على فئات فرعية تشمل الأمان والرعاية الصحية وتكلفة المعيشة ونسبة عائدات الاستثمارات العقارية والمؤشر المروري ومؤشر التلوث والمؤشر المناخي.
وتعبّر «وثيقة الخمسين» التي أطلقها مؤخراً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن نهج القيادة الرشيدة في دولة الإمارات نحو تحسين الحياة بجوانبها كافة، حيث تتكون الوثيقة من تسعة بنود سيتم القيام بها لتحسين الحياة في دبي خلال عام 2019، مغرداً سموه على تويتر: «الإخوة والأخوات، هذه وثيقة تمثل عهدنا ووعدنا لكم فيما سنقوم به لتحسين الحياة بكل جوانبها في دبي خلال 2019. الوثيقة سنجددها سنوياً في الرابع من يناير كل عام»، مضيفاً سموه كذلك: «توجيهاتنا للجميع بالعمل وفقاً لهذه الوثيقة، ووفقاً لوثيقة المبادئ الثمانية التي أطلقناها أيضاً، ضماناً لاستمرار الرخاء، وديمومة الازدهار، وتسارع المسيرة».
إن «وثيقة الخمسين» تسعى إلى العمل والقدرة خلال الخمسين عاماً المقبلة على تحقيق مدينة فاضلة كاملة يحكمها القانون، وتسود فيها روح الرحمة والمحبة، ويعيش أهلها في انسجام وتسامح، حيث تتميز الحياة فيها بالسهولة والرخاء، وتتمتع أجيالها القادمة بالفرص لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم، وهو ما لا ينفصل عن «الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة» التي أطلقتها حكومة دولة الإمارات في نوفمبر الماضي، التي تمثل آلية عمل حكومية شاملة لتحقيق مفهوم جودة الحياة المتكاملة في الدولة، عبر التركيز على أفضل السبل لتعزيز نمط حياة الأفراد وترابط المجتمع والمدن الحيوية.
وبالعودة إلى «الوثيقة»، فإنها تتضمن تسعة بنود، تضم جوانب من رؤية مدينة دبي للمستقبل والحياة، هي: خط دبي للحرير، ورسم خريطة اقتصادية جغرافية لدبي، وإنشاء أول منطقة تجارية افتراضية، وتطوير ملف تعليمي مركزي لكل مواطن، ووجود طبيب لكل مواطن، وتحويل الجامعات إلى مناطق اقتصادية وإبداعية حرة، واكتفاء ذاتي من الماء والغذاء والطاقة في عُشر بيوت المواطنين، وإنشاء شركات تعاونية للمواطنين في الصحة والتعليم والغذاء وغيرها، وتحقيق نمو سنوي في الأعمال الإنسانية يعادل نمو دبي الاقتصادي ويواكبه.
إن المتتبع لرؤى وتطلعات قيادة الدولة الرشيدة، ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حول تحسين جودة الحياة، يستطيع تحديد الأهداف الاستراتيجية النوعية التي تسعى إليها حكومة دولة الإمارات في سبيل تعزيز مؤشر جودة الحياة، في أنماط حياة الأفراد الصحية، وتبني التفكير الإيجابي كقيمة أساسية وبناء مهارات الحياة، على الصعد الأسرية والاجتماعية والتعليمية، وتحسين جودة الحياة الرقمية، وتبنّي جودة الحياة في بيئات العمل، وترسيخ قيم العطاء والتعاون والتضامن.
لقد واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تركيزها على تحقيق مفهوم شامل لجودة الحياة، والسعي نحو إعداد جيل من قيادات المستقبل سيصل بدولة الإمارات إلى المركز الأول عالمياً، تحقيقاً لأهداف «مئوية الإمارات 2071»، ما يشير إلى مقدار الاستشراف المستقبلي الذي تتبعه دولة الإمارات في سبيل مواصلة مسيرة التميز والبناء والنهضة، وصولاً إلى مجتمع أكثر صحة وسعادة ورفاهاً، يتحقق من خلال دعم النمو والتنمية المستدامة، وتمكين الأفراد والأسر اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً وصحياً، بما يتماشى مع «رؤية الإمارات 2021» التي تستهدف تحقيق جودة حياة أفضل للمجتمع، بتكريس السعادة كأسلوب حياة، حيث يحظى الأفراد على أفضل مستويات من الصحة الذهنية والجسدية والعاطفية، ويحظون بعيش رغيد، ونمط حياة متكامل، تعززه الخدمات التي يحصلون عليها، فينعمون بحياة حافلة بالرفاه والسعادة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية