يبحث زعماء الكونجرس الأميركي حالياً مع البيت الأبيض إيجاد مخرج من مأزق الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية. والأرجح أن أي حل سيجبر الجانبين على تقديم تنازلات رغم تمسك الرئيس ترامب بطلبه الحصول على مليارات الدولارات لبناء جدار حدودي مع المكسيك. ويشير البعضُ إلى أن هذا المأزق كان يمكن التغلب عليه بسهولة لو أن الأميركيين ظلوا تحت التاج البريطاني مثل الأستراليين!
فلم تتعرض أستراليا لإغلاق حكومي إلا مرة واحدة عام 1975. فحين لم يستطع زعماء البلاد الاتفاق على ميزانية جديدة، أُغلقت الحكومة. ثم تقدم ممثل الملكة اليزابيث الثانية في أستراليا، ومنصبه شرفي بالأساس، وأقال رئيس الوزراء وحل البرلمان، في إجراءات مازالت تثير الجدل حتى الآن. وربما يجري التندر بالحياة السياسية في أستراليا ونيوزيلندا بأنها أقل من المتوسط فيما يتعلق بالاستقرار، لكن حلقة الأحداث تلك تركت بصمتها على السياسة هناك. فقد شهدت أستراليا 10 رؤساء وزارة جدد منذ ذاك العام، لكنها لم تشهد إغلاقاً واحداً. وترى جيني هوكينج، الأستاذة الفخرية بجامعة موناش، أن إغلاق 1975 مازال يمثل تحذيراً ضد «استخدام الفوضى لتحقيق تغيير سياسي». وبالمقابل نجد أن الولايات المتحدة شهدت أكثر من 20 مأزقاً بشأن الميزانية منذئذ. وفي كل مرة يضطر مئات الآلاف من العمال الاتحاديين للتوقف عن عملهم، كمؤشر على الاستقطاب والخلل الحكومي.
وبينما يحتاج إقرار ميزانية جديدة في الولايات المتحدة إلى موافقة 60% من أعضاء مجلس الشيوخ، يتطلب إقرار ميزانية جديدة في دول أخرى، منها أستراليا، موافقة أغلبية بالحد الأدنى فحسب. والإخفاق مازال ممكناً من الناحية الفنية في أستراليا، لكن هناك اتفاقا غير رسمي بألا يتم تكرار هذا المأزق مرة أخرى. وحتى لو صوت كل المشرعين الأستراليين ضد ميزانية ما، فلن تتوقف الأموال عن التدفق والوصول إلى الموظفين إلا بعد فترة طويلة.
 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»