امتداداً لعام زايد، أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله عام 2019 في دولة الإمارات «عاماً للتسامح»، يرسخ دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وأكد صاحب السمو رئيس الدولة أن إعلان عام 2019 عاماً للتسامح يعكس النهج الذي تبنته دولة الإمارات منذ تأسيسها في أن تكون جسر تواصل وتلاقٍ بين شعوب العالم وثقافاته في بيئة منفتحة وقائمة على الاحترام ونبذ التطرف وتقبل الآخر. لقد ظل تبني قيم الوسطية والتسامح ودعمها بانتهاج الفكر المعتدل نهجاً إماراتياً كان امتداداً للرؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة، والتي وضع أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث تبنت قيادتنا الرشيدة، نهجاً حكيماً يدعم ويكرس قيم الوسطية والاعتدال والتسامح، وينبذ مظاهر الغلو والتشدد والتطرف، ويعزز الريادة الإماراتية الحقيقية في التعايش المشترك داخلياً وخارجياً.
تعتبر قضايا التطرف والتمييز من أهم القضايا التي تواجه المجتمعات، وتؤثر على السياسات الدولية، فالتركيز على خطاب الاعتدال والتسامح في المجتمع هو خير سلاح للقضاء على آفة التطرف وتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمعات الإنسانية. اليوم يعاني العالم أجمع من نتائج انتشار التعصب والتطرف والكراهية، وفي غياب التسامح واحترام الآخر والاعتراف به ظهرت التنظيمات الدينية والفاشستية المنتشرة في الشرق والغرب، ووجدت الأحزاب الشعوبية لنفسها مكانة عبر كثير من دول العالم وحتى في المجتمعات الليبرالية والديمقراطيات العريقة فالجنوح نحو اليمين والصعود الصاروخي للأحزاب الشعبوية في أوروبا كلها مؤشرات على جنوح المجتمعات نحو اليمين بأطروحاته الشعبوية، فكان فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية تأكيداً على صعود الشعبوية، وكذلك كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مشهداً من مشاهد صعود الشعبوية. وبدأت الأحزاب الشعبوية بملء الفراغات في المجتمعات الأوروبية في قضايا البطالة والمهاجرين وقضايا اللجوء والقومية وكراهية الأجانب فأصبحت هذه الأحزاب قوة سياسية لا يُستهان بها، لاسيما في فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وهولندا وإسبانيا واليونان والدانمرك وبريطانيا وألمانيا وتشيكيا وسلوفاكيا، بل إن بعض أحزاب «اليمين» الشعبوية أصبحت أكثر صخباً في طرحها لأفكارها الفاشية، وأصبحت تجاهر بالعداء للأجانب، والعنصرية ومعاداة الإسلام وربطه بالإرهاب بالدرجة الأولى متجاهلة القيم الليبرالية الأوروبية وقيم حقوق الإنسان في خطابها الذي يلاقي قبولاً شعبياً، من هنا تكمن خطورة التيار الشعبوي الآخذ بالصعود، حيث الرفض التام لأي وجهة نظر مخالفة.
يمثل مجتمع الإمارات نموذجاً عربياً فريداً في تعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك، وتقبل الآخر، حيث تعيش أكثر من مئتي جنسية على أرض الإمارات الطيبة، بكل وفاق وانسجام وسلام ونظام اجتماعي متين قائم على العدالة وسيادة القانون، فبرزت دولة الإمارات كمنارة حضارية وثقافية تسهم بفاعلية في نشر قيم الإسلام العظيمة التي تحث على الاعتدال والسلام، ومكافحة الإرهاب والتطرف، عبر انتهاجها سياسة لإرساء خطاب إسلامي يعتمد الوسطية والاعتدال، ويؤصل القيم الأصيلة الخالدة في عصر الانفتاح على الآخر، فشرعت للقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة جميع أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل التعبير يمثل سابقة رائدة ومميزة في المنطقة العربية، والعديد من دول العالم التي خلت منظومتها التشريعية من تشريع خاص بالتمييز والعنصرية.
إن دولة الإمارات بتبنيها لعام 2019 عاماً للتسامح أصبحت عاصمة عالمية للتسامح، ومركزاً مهما بين الشرق والغرب لنشر قيم الاعتدال والسلام والتعايش السلمي والمحبة والتآخي بين الأديان ونبذ التطرف.