كان «ويلموت كولينز» يبحث في المقام الأول وقبل كل شيء عن ملاذ آمن. وحين اعتلى ظهر سفينة للهرب من ليبيريا ومن الرجال الذين يحملون بنادق الكلاشينكوف ويمزقون بلاده لم يكن لديه أي فكرة عن المكان الذي يذهب إليه. بل كان كل ما يهمه هو أن يذهب إلى «مكان آخر». واللاجئون مثل السيد كولينز لا يسعون لبلوغ مكان بعينه أو منطقة بعينها من الأرض. إنهم يريدون بلوغ شيء أكثر واقعية لكن من الصعب تحديده على الخريطة. إنهم يريدون فرصة لتحويل حياتهم إلى شيء أكثر من الخوف الدائم. إنهم يريدون إحساسا بالسكينة والسلامة. أما فكرة أين يحققون هذا، فليس مهما.
والصحفية «كريستا كيس براينت» من «كريستيان ساينس مونيتور» سجلت في قصتها عن «كولينز» في الأيام القليلة الماضية أن هذا الرجل حوّل في نهاية المطاف توقه إلى هذه القيم إلى شيء استثنائي. فقد أصبح «كولينز» الآن أول رئيس بلدية أسود في «مونتانا»، وهي أقل الولايات في عدد السكان السود في الولايات المتحدة. لكن قصة «كولينز» ليست مجرد قصة نجاح رجل واحد. لكن القصة تستكشف سؤالاً ينتشر عبر العالم لكنه يطفو الآن على السطح بقوة وهو: ما الالتزام على الدول الأكثر ثراء نحو من يمرون بحالة من الفوضى والضيق؟
وهذا السؤال يطل برأسه في عدد من القضايا مثل المساعدات الأجنبية والتدخل العسكري للقيام بدور شرطي العالم والمشاركة في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وسياسة الهجرة بصفة عامة وسياسة اللاجئين بصفة خاصة. وتوحي نتائج الانتخابات في بلدان الغرب بأن كثيرين من الناخبين يعتقدون أن هناك إسرافا في التفكير والاهتمام بالآخرين ولذا يتعين على دولهم أن تعود إلى الاهتمام بنفسها. وينقلون بالإضافة إلى هذا رسالة إلى باقي العالم مفادها في الأساس أنه يتعين على الدول التي يخرج منها لاجئون أن تعتني بحل مشاكلها الخاصة بنفسها.
قصة كولينز توحي بأن أي نهج يتقيد بحدود الدول ربما يكون شديد الضيق. فمن فقدوا الشعور الأساسي بالسكينة والسلامة، مثل «كولينز»، لا يبالون بالحدود. وهؤلاء سيذهبون إلى أي مكان ويقطعون أي مسافة للعثور على هذه القيم لأسرهم ولأنفسهم. والحل الحاسم الوحيد يتعين أن يتمثل في توسيع الشعور بالسكينة والسلامة. والحقيقة أن لدينا معادلة توضح كيفية التعامل مع المشكلة ولدينا دليل قوي يثبت أنها تجدي نفعا. فمن أقوى الدروس التي علمنا إياها القرن الماضي أنه كلما زاد التعاون والاعتماد المتبادل في العالم زادت الثروة بشكل كبير. ومع تزايد الثروة يتراجع العنف والحرب نتيجة لهذا بشكل كبير أيضا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»