في الوقت الذي ينتظر فيه العالم قيام الرئيس ترامب بالإعلان عن مشروعه للسلام المسمى «صفقة القرن» مع مطلع العام القادم، أعطت إيليت شاكيد، وزيرة العدل الإسرائيلية، إشارةً تدل على رفض حزبها اليميني، وهو حزب «البيت اليهودي»، لمشروع الرئيس الأميركي، خصوصاً إذا كان ينطوي على فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة بجوار إسرائيل.
قالت شاكيد منذ أسبوعين، وهي قطب في «البيت اليهودي» الذي يترأسه نفتالي بينت، وزير التعليم، إن صفقة القرن وجهود ترامب كلها مضيعة للوقت، ثم أعقبت ذلك مؤخراً بمؤتمر صحفي دعت إليه الصحف الأجنبية لتتحدث عن مشروع حزبها للسلام. جوهر ما طرحته إيليت يمكن تركيزه في النقاط التالية:
1) إن حزبها يرفض إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، 2) إن حزبها يرى ضرورة ضم المنطقة «ج» من الضفة الغربية لإسرائيل، والتي تمثل ستين في المائة من مساحة الضفة، 3) إن هذا الاقتراح يضمن ضم مناطق المستوطنات الموجودة في هذه المنطقة إلى حدود الدولة الإسرائيلية من ناحية ويضمن من ناحية ثانية وجود المستوطنين في إطار إسرائيل، 4) إن حزبها مستعد لأن يمنح الفلسطينيين المقيمين في المنطقة «ج»، بعد ضمها، الجنسيةَ الإسرائيلية أو حق الإقامة في إسرائيل، 5) إن حزبها لا ينظر إلى الضفة الغربية على أنها أرض محتلة ولكن يرى أنها أرض متنازع عليها، 6) إن حزبها يرى أنه على السلطة الفلسطينية وسكان المنطقة «أ» والمنطقة «ب» من الضفة الغربية أن يقبلوا صيغة الكونفدرالية مع الأردن، 7) إن حزبها يرى أنه إذا كان صعباً اليوم على الفلسطينيين قبول هذا الحل فإن مرور الزمن كفيل بإقناعهم بقبوله، وأن أموراً كثيرة تتغير مع الزمن مثلما تغير الموقف الإسرائيلي من التعامل مع منظمة التحرير وأصبح يقبل التعامل معها بعد أن كان أي إسرائيلي يتعامل مع المنظمة يتعرض لعقوبة السجن، 8) إن حزبها لا يرى ضرورة للحديث عن إقامة دولة فلسطينية لأن هناك دولة فلسطينية قائمة بالفعل في قطاع غزة.
ويتضح من النقاط السبع المذكورة أعلاه أن شاكيد تحاول أن تستبق إعلان الرئيس ترامب عن مشروعه للسلام وأن تظهر له بالدبلوماسية الإعلامية أن مشروعه سيتعرض للرفض من اليمين الإسرائيلي.
السؤال المطروح هنا هو: هل سيتأثر مشروع صفقة القرن بهذه الأفكار اليمينية الإسرائيلية، فيطرح فكرة إقامة دولة فلسطينية مرتبطة باتحاد كونفدرالي مع الأردن؟ وهل سيقبل الفلسطينيون هذا الطرح إذا جاء من طرف ترامب؟ إن الإجابة الأميركية التي نجدها حاضرة ومعلنة من الدبلوماسيين المقربين من مشروع صفقة القرن، تنفي هذا التوجه وتفيد بأن المشروع الأميركي لا يفكر في إطار كونفدرالي لحل النزاع. غير أننا نستذكر تصريحاً للرئيس الفلسطيني محمود عباس قال فيه إن جرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي لعملية السلام، قد سأله في إحدى جلسات الحوار عما إذا كان يقبل اتحاداً كونفدرالياً مع الأردن، فأجاب عباس بأنه مستعد للذهاب إلى اتحاد كونفدرالي ثلاثي مع الأردن وإسرائيل. إن واقعة سؤال جرينبلات عن فكرة الكونفدرالية في حد ذاتها تشير إلى أنها فكرة غير غائبة عن ذهن الإدارة الأميركية، كما أن الإجابة المذكورة من جانب عباس لا تعني رفضه لاتحاد الكونفدرالي مع الأردن. ما علينا سوى أن ننتظر لنرى.