يقع في نفوسنا صوت أجراسٍ ويبْعَثُ فيها صوت نغْمات ويضرَب على أَوْتَارها الألحان فتدق الطُبول وتخرج من حناجرنا نبرات، ويعزف عليْهَا أجمل الألحان وترفع الأعلام وترتفع الأصوات بعبارة «عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا».. كلمات تؤجج في نفوْسنا عشقاً لا مثيل له. فكل منا في 2 ديسمبر، يبَلَّغَ فَارِسُه لينْطلقَ به وليثبتَ للعالم بأسره ذلك الْوَلاَء، وذلك الحب النابعٌ من قلوبنا متدفقاً وسط حنايا صدْورنا نمدُّ لهُ طاَعَة محب. من هذا المنظور تتأكد قناعتي بأن للموطن حبا خالدا، وللموطن عشق بَاقٍ دَائِم فهو مزيج من ذلك العشقَ السَرْمَدِي.
بلغت معشوقتي ِ47 عاماً، وفي كل عام يزداد بيننا العشق، فلا حد أو شرط أوخط نهاية له. عمّرَها الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بالحب والعطاء، فالله أعطى حكيم العَرَب البصيرة في كافة الأمور، ِكان حكيمًا بالفطرة، تصدرُ عن أعماله وأقواله رؤية ورأي سديدان، فكلما كان بين البُلدان أمر على الصعيد العربي والعالمي، أو كَسَروا بينهم رُمْحًا اِسْتَحْكَمَ بَينهم فإنه ببصيرته يُنهي ذلك الخِلاف. كان فِي قَوْلَهِ الصواب، وفي أفعاله الحَق والانصاف، عادِلٌ في أحكَامه رحيم بأبنائه، فكلما مال غصْن أقامه بفطنته. كرّس حياتَه لحب وخدمة هذا الوطن مما دفع شعوباً أن يرحلَ أبناؤها عن أرضهم ويأتون إليه لكَي تحتمي تحتَ جناحَيْهِ. عشِق تنامى في قلوب العالم بأسره لذلك الأب، مما زرع في قلوب شعب الإمارات وَلاَءً لهذا الوطن وطَّاَعَة يملؤها إِخْلاَص لا حدود له.
خَطَرتْ فِي خَلَدِ أَفْكَاري صورة أثارت دهشة العالم وأدركها الجميع على مر العصور، تلك الصورة التي يتوسط المغفور له الشيخ زايد، بكل اعتزاز وفخر، جموع المجندين الذين وقفُوا في صفوفٍ متقابلةٍ لبّوا نداء الوطن، وفي المكان نفسه تتجدد الصورة، ويشهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله، أمام تلك الحشود، مشيرًا سموه إلى أن هذا المكان يحمل بين جنباته رمزية خالدة وذكرى باقية، وقال "بين تلك الصُفُوف تزداد سعادتنا، ونحن نرى هذه الهمم والجباه العالية وكلها عزيمة وإرادة وتصميم، تماماً كما تحلت بها تلك الأفواج من المتطوعين في المكان نفسه عام 1990. اِقْتَدَينا بذلك الرجل وأخذناهُ قِدْوة لنا، هبة من الله ميزنا بها عن غيرنا ببيت متوحد وصفوف متوحدة كلمتها واحدة، رايتها واحدة تحت ظل قيادتنا الرشيدة. اللهم إنا نسألك أن تحفظ بلدنا الغالية الإمارات الحبيبة من كل سوء وأن تديم علينا نعمة الأمن والأمان وسائر بلاد المسلمين.