أعادت الإدارة الأميركية اهتمامها بالقضية الفلسطينية، حيث أعلن المندوب الإسرائيلي الدائم للأمم المتحدة السفير «داني دانون» أن خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط المعروفة إعلامياً باسم «صفقة القرن» باتت مكتملة الآن، مشيراً إلى أن واشنطن ستكشف عنها أوائل العام المقبل من دون تحديد موعد دقيق، وأكد أن إدارة ترامب ناقشت تفاصيل إطلاق تلك الخطة بالفعل مع إسرائيل، لكنه رفض توضيح ما إذا كانت الصفقة ستضمن حل الدولتين.
السؤال لماذا اختار ترامب العام المقبل لإعلان خطته؟ هل يعود السبب إلى تردد قيادات العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص.. فالفلسطينيون منقسمون على بعضهم ويحاربون بعضهم بعضاً.
فالعرب مشغولون بمشاكلهم الداخلية، فالحروب الأهلية بسبب انتشار الطائفية تعصف في أكثر من بلد عربي.. كما أن محاربة الإرهاب أشغلت البعض الآخر.. باختصار بسيط الكل يحاول التركيز على أمنه الداخلي، ولا تحظى القضية الفلسطينية باهتمام أحد كما كان الوضع في السابق.
التساؤل الآخر الذي علينا طرحه ماذا حصل للاستراتيجية الأميركية التي تريد تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة وفرضت على إيران حصاراً اقتصادياً ونفطياً.. لم تتأكد فعاليته حتى الآن.
ماذا حصل لـ «الناتو العربي» الذي شكلته الولايات المتحدة، والذي يشمل في عضويته الولايات المتحدة ودول الخليج ومصر والأردن.
لماذا تم كشف هذه المبادرات وتمت مناقشتها وعقدت اجتماعات حولها.. ولكن لم تتم مناقشة صفقة القرن أو الإفصاح عنها. من حقنا كشعوب عربية أن نتساءل لماذا السرية حول صفقة القرن؟ هل السبب يعود إلى إقامة دولة فلسطينية منقوصة السيادة والأرض، ومنح إسرائيل أراضي فلسطينية جديدة.. بعد أن تم تسليم القدس لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها قبل إعلان الصفقة أو المفاوضات الجادة مع الفلسطينيين، من حقنا كعرب معرفة كل تفاصيل الصفقة، وما هي أبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية.. هنالك كلام بأن الصفقة ربما تشمل الأردن (كونفيدرالية) ومصر، ومنح أراضٍ مصرية تعادل مساحة غزة ثلاث مرات في سيناء.. مقابل مئات الملايين من الدولارات كمساعدات لمصر والأردن.
لقد عوّدتنا الإدارات الأميركية المتعاقبة على إصدار مبادرات عدة مختلفة كلها تحاول الالتفاف على حقوق الفلسطينيين مثل مفاوضات كامب ديفيد عام 2002 في عهد الرئيس بيل كلينتون، وتبعتها «خطة الطريق» 2002، وتلتها اتفاقية أنابوليس 2007 في عهد الرئيس جورج بوش الابن، وجاءت مطالبة الرئيس السابق أوباما باستئناف المفاوضات بين الطرفين في أعوام (2011-2013-2014)، ولم تحقق أي شيء، فالمبادرة الأميركية الجديدة من الرئيس ترامب لن يقدم فيها أي شيء للعرب والفلسطينيين.. كيف يدّعي الرئيس الأميركي بأن لديه حل للقضية وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ودعا إلى تصفية «أونروا» للتخلص من المسؤولية الدولية عن قضية اللاجئين، والسماح بتسريع المستوطنات في الضفة الغربية، الأمر الذي يعني تغييب الحدود وتكريس السيطرة الإسرائيلية. حذار يا عرب من صفقة القرن.