درجت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة على الاحتفال بـ«يوم الشهيد»، حيث يتم الاحتفاء بشهداء البلاد الذين قدموا أرواحهم ودماءهم فداء لهذا الوطن وقضاياه التي يدافع فيها عن تراب الوطن وعن الخير والعدل والسلام والمحافظة على الشرعية. ويمر علينا يوم الشهيد هذا العام والإمارات مستمرة في مد يد العون إلى أشقائها العرب على جميع الصعد، بما في ذلك الاستعداد لتقديم الشهداء من أبنائها دفاعاً عن الأرض العربية وإحقاقاً للحق والمحافظة على الشرعية في جميع بلاد العرب من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، خاصة ما تقوم به من دور محوري حالياً ضمن التحالف العربي في اليمن الشقيق، الذي قدمت فيه الإمارات العديد من الشهداء الذين ذهبوا فداءً للدفاع عن أراضي العرب ومقدراتهم وكرامتهم.
مثل هذه التضحيات الجسام التي تقدمها الإمارات من دم أبنائها الذين يسقطون شهداء على أراضي المعارك ليست بالأمر الجديد أو المستجد في تاريخ الإمارات وشعبها الباسل، إنما بدأت في تاريخها الحالي قبل أن تولد الدولة الاتحادية بشكلها الحالي، حيث تصدت مجموعة صغيرة من رجال الشرطة الذين كانوا يوجدون على أراضي جزر الإمارات التي احتلتها إيران عنوة وعن طريق استخدام القوة الغاشمة وهي جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وتحديداً على أرض «طنب الكبرى» السليبة التي تدنسها الأقدام الإيرانية حتى كتابة هذه السطور. في ذلك اليوم المشهود، سقط أول ثلاثة شهداء أبرار في تاريخ الدولة الوليدة آنذاك، قبل أن تعلن دولة مستقلة ذات سيادة وهم يتصدون للإنزال العسكري الإيراني الذي قامت بتنفيذه الحكومة الإيرانية آنذاك.
لقد أصبح تقديم الشهداء من أبناء هذا الوطن المعطاء دفاعاً عن الحقوق والكرامة العربية جزءاً أصيلاً من سياسات الدولة تجاه الخارج في المحيط العربي، فضمن سعيها نحو مستقبل مشرق أفضل للإنسان العربي، وأكثر رسوخاً لدول العالم العربي لم تدخر الإمارات جهداً ولا مالاً ولا دماءً للوقوف في مواجهة العديد من التحديات والعراقيل، التي تقف حجر عثرة في وجه مسيرة البلاد العربية كعاكس لحس أبنائها الوطني والقومي ولشعورهم النبيل بأن قضايا الدول العربية كافة هي قضاياهم، وكتعبير صادق وحقيقي عن استعدادهم للذود بدمائهم في سبيل نصرة القضايا العربية والحق العربي. لقد حدث ذلك تجاه المشكلة اللبنانية المستعصية على الحل منذ عام 1975، وتجاه مشكلة الغزو العراقي للكويت عام 1990، وتجاه البوسنة والهرسك، وتحديداً ما قامت به الإمارات من جهود جبارة تجاه مسلمي كوسوفو، وتجاه المشكلة الأفغانية ومكافحة الإرهاب في أفغانستان، وتجاه ما يحدث حالياً في اليمن عندما أصبحت إيران تهدد مصالح العرب ومستقبلهم من هناك.
أثناء مسيرتها المباركة مند الثاني من ديسمبر 1971 قامت دولة الإمارات بكل اقتدار وقوة وحكمة بالتعامل الإيجابي الحكيم مع العديد من قضايا العرب والمسلمين، التي قدمت فيها ضريبة الشهادة من دماء أبنائها البررة رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جناته أنه سميع مجيب. لقد قامت الإمارات وما زالت تقوم بأدوارها الإيجابية البناءة في جميع قضايا العرب بكل اقتدار، وتعاملت مع جميع التحديات وبمواجهة جميع الصعاب بشكل مباشر من دون خوف أو وجل، ودرجت النخبة السياسية التي تقود فيها على تبني ودعم الأدوار النبيلة، التي يحتاجها فيها أشقاؤها من عرب ومسلمين، والدفع إلى الأمام بحسن إدارتها وتنفيذها، فلله درك يا إمارات في يوم الشهيد، وبارك لك في قيادتك وشعبك.