إذا لم يكن الأميركيون مدركين فداحةَ تأثير الحرب العظمى على أوروبا، فربما اكتسبوا بعض الرؤى وهم يراقبون احتفالات الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى، و«التي كانت حرباً لإنهاء الحروب»، لكنها بدلاً من ذلك مهدت الطريق لحرب عالمية ثانية مروعة. فالاحتفالات والعروض الرائعة تساعدنا على فهم الخسارة المذهلة للأرواح والأضرار المادية والتأثير العميق الذي خلفته الحرب على أوروبا.
إن أصحاب القلوب المفتقرة لأي فهم للقرن العشرين، هم مَن لا تحركهم مشاهد قادة الدول الأوروبية وهم يسيرون معاً تحت المطر في الشانزليزيه أو العواطف الشخصية القوية بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
كان خطاب ماكرون بمثابة حجة للحفاظ على النظام الدولي ورفض القومية الجديدة للرئيس ترامب، إذ أوضح أن «الوطنية هي النقيض التام للقومية. فالقومية خيانة للوطنية. ومن خلال السعي لتحقيق مصالحنا الخاصة أولاً، دون أي اعتبار للآخرين، نمحو أثمن ما تملكه الأمة، أي الشيء الذي يعطيها الحياة ويجعلها عظيمةً: قيمها الأخلاقية».
وبرز حضور قادة العالم مقابل غياب ترامب عن الزيارة المشتركة لمقبرة جنود الحرب، معتذراً بالأحوال الجوية! والأكثر أهمية، أن أسلوب المراسم كان مناقضاً لموقف ترامب تجاه الجيش. فهو يحب الأبهة ويحب إصدار أوامر للجيش كما لو أنه حرس شخصي له، إذ لم يزره بعد في منطقة قتال. لذا كان غيابه تذكيراً بالقومية الانعزالية وكراهية الأجانب.
لقد كان هناك فراغ في مكان الممثل لجوهر أميركا الأخلاقي. وكان غياب ترامب مذكِّراً للتقدميين بالحاجة إلى قيادة أميركية في العالم، وللمحافظين بأنه رغم كل انتقاداتهم للرئيس باراك أوباما، فقد كان يتصرف في مثل هذه المناسبات بقدر كبير من الكرامة والحس الإنساني.
وللمرء أن يتخيل ما الذي كان سيفعله اليمين لو أن أوباما قد اعتذر عن زيارة مقبرة أو ازدرى الحلفاء. إن الجمهوريين اليوم يسوقون المبررات لتأييدهم رئيساً يخذل حلفاءَه!

*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»