تشير التقديرات إلى أن أنواعاً من النباتات والحيوانات ستختفي بمعدل 1000 ضعف أسرع مما كانت عليه قبل النشاط البشري، ذلك أن التغير المناخي يقلب الأنظمة الطبيعية رأساً على عقب في أرجاء الكوكب. فالغابات والثروات السمكية وإمدادات مياه الشرب باتت معرضة للخطر بسبب تغوّل الصناعات الاستخراجية على البريّة. غير أن هناك أيضاً جانب آخر مشجع لهذه القصة الباعثة على الاكتئاب: يرتكز حول فكرة بسيطة، وُلدت في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وتنتشر الآن بسرعة كبيرة في أرجاء العالم، قد تحافظ على جزء كبير من كوكبنا في حالة طبيعية. وهذه الفكرة هي أن الأراضي البريّة والمياه لا تتم حمايتها بالصورة الأمثل في أيادي خاصة بتحويلها إلى محميات خلف البوابات، والأمثل هو أن تصبح متنزهات وطنية عامة، وملاذات برية ومحميات بحرية ومفتوحة للجميع للتجربة والاستكشاف. وفكرة إبقاء هذه الأماكن للوقف العام هي فكرة تأثرت بها بشدة كشاب، عندما صعدت وتسلقت للمرة الأولى في الأراضي العامة جبال «الروكي» في ولاية كولورادو.
ومنذ إنشاء «يلوستون» أول منتزه وطني في العالم، عام 1872، تمت حماية 15 في المئة من أراضي الكوكب و7 في المئة من محيطاته في حالة طبيعية. غير أن بعض العلماء، ومن بينهم «إدوارد ويلسون» العالم البيولوجي في جامعة «هارفارد»، استنتج أن نصف الكوكب على الأقل يحتاج إلى حماية من أجل إنقاذ غالبية أنواع النباتات والحياة البرية من الانقراض. وفي الحقيقة، يعتمد الغذاء والمياه العذبة والهواء التي نحتاجها من أجل البقاء والازدهار على قدرتنا على حماية التنوع البيولوجي على الكوكب. وبعبارة أخرى، علينا أن نحمي النصف لكي ننقذ الكل.
ولابد أن نقلق جميعنا، مواطنون ومحسنون وقادة في قطاع الأعمال والحكومة، بسبب الفجوة الهائلة بين الضعف الشديد في حماية الطبيعة حالياً والحاجة الماسة إلى حمايتها. وهذه الفجوة يجب تضييقها بسرعة، قبل أن يلتهم تأثيرنا البشري ما تبقى من الأماكن البرية على الأرض.
ومن جانبي، قررت التبرع بمليار دولار خلال العقد المقبل من أجل المساعدة في تسريع جهود حماية الأرض والمحيطات حول العالم، مع هدف حماية 30 في المئة من سطح الأرض بحلول 2030. وهذه الأموال ستعزز جهود حماية البيئة التي تقودها جهات محلية في أرجاء العالم، وسترفع سقف الأهداف العالمية لحماية الأرض والمحيطات، وسنسعى من خلالها إلى زيادة الوعي العام بشأن أهمية هذه الجهود وتمويل الدراسات العلمية للتعرف على أفضل الاستراتيجيات للوصول إلى هدفنا. وأعتقد أن هذا الهدف الطموح قابل للتحقيق، لأنني شاهدت ما يمكننا تحقيقه.
والشعوب الأصلية والقادة المحليون ومنظمات حماية البيئة في أرجاء العالم مشغولون بالفعل بتحديد المناطق المحمية التي تعكس قيم حماية البيئة والقيم الاقتصادية والثقافية للمجتمعات القريبة. والمساعدة المالية من رواد الأعمال الخيرية والحكومات هي أمر جوهري لمساعدة هؤلاء القادة على حماية أماكن مثل الشعاب المرجانية في الكاريبي، والأنهار الجليدية في الأرجنتين، وما يعرف بـ«موطن كثير من الفيلة» في زيمبابوي.
وقد رأيت ذلك يحدث منذ البداية، فخلال العقدين الماضيين، ساندت منظمتي جهوداً محلية لحماية أماكن برية في أفريقيا وأميركا الجنوبية وأوروبا وكندا والمكسيك والولايات المتحدة، وتبرعت بأكثر من 450 مليون دولار لمساعدة شركائنا على حماية زهاء 40 مليون فدان من الأراضي والمياه.
وبالنسبة لي، تسلط هذه الجهود الضوء على القوة التي نمتلكها كأفراد، للتضافر سوياً من أجل إنقاذ الأماكن والحياة البرية التي تشكل أهمية كبيرة لنا. وهذا التوقيت مهم، فالمجتمع الدولي سيلتقي في غضون أسبوعين لمناقشة الأهداف العالمية الجديدة لحماية الأرض والمحيطات، إذ يجتمع ممثلون عن أكثر من 190 دولة في مصر تحت شعار (الاستثمار في التنوع البيولوجى من أجل صحة ورفاهية الإنسان وحماية الكوكب) من 12 إلى 29 نوفمبر الجاري لوضع جهود تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الأنظمة البيئية بموجب ميثاق التنوع البيولوجي، وهي اتفاقية تضع أهدافاً لحماية الطبيعة.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»