عقد في الرابع والعشرين من أكتوبر 2018 منتدى جريدة «الاتحاد» الثالث عشر الذي حمل الاسم «صورة الإمارات في الإعلام»، وشاركت فيه نخبة من الكتّاب والمفكرين ورجال الإعلام في العالم العربي. لقد كان المنتدى ناجحاً جداً ومفيداً في توضيح الصورة والرؤى التي تميزت بها دولة الإمارات كدولة وحكومة ومجتمع، والإعلام الإماراتي ذاته كإعلام رصين وموضوعي وعقلاني وصادق وهادف ومتزن، وفي شرح مسيرة الخير والعطاء التي انتهجتها الدولة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر 1971، وهي مستمرة فيها بإذن الله تعالى إلى أن يرث الخالق عز وجل الأرض ومن عليها بفضل القيادة الرشيدة والحكيمة التي أسس لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، وأكملها حضرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حفظهم الله جميعاً ورعاهم.
خلال تقديم أوراق عمل المنتدى، أجمع أكثر من مشارك على أن انطلاقة سياسات الدولة على صعيديها الداخلي والخارجي لم تكن سهلة أو سلسة في بداية الأمر، بل إنه قبل إعلان الدولة الاتحادية بشكل رسمي، واجهتها مشاكل صعبة على صعيد العلاقة بدولة الجوار الإقليمي ذات الأهداف العدوانية والتوسعية وهي إيران التي قامت عن طريق استخدام القوة الغاشمة باحتلال جزر الإمارات الثلاث أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. لقد أحدث ذلك الاحتلال تأثيراً سلبياً على انطلاقة الدولة الوليدة التي فوجئت به قبل يومين فقط من إعلان قيامها الرسمي.
لكن عدد من المشاركين أجمعوا أيضاً على أن تلك العراقيل لم تثن الإمارات، دولة وقيادة وشعباً وفياً، عن الاستمرار في النهج القويم لبناء الدولة والمجتمع، والحس الإنساني الهادف إلى توطيد علاقات الأخوة والصداقة والتعاون المثمر مع مختلف دول العالم. لقد شهدت مرحلة التأسيس أولاً، ثم بعد ذلك مرحلة استقواء العود وصلابته واشتداده، نشاطاً ملموساً على الصعيدين الداخلي والخارجي يتعلقان بالبناء والتعمير في الداخل، والنشاط السياسي والدبلوماسي على مستوى الخليج العربي والعالمين العربي والإسلامي والعالم أجمع.
فعلى صعيد الخليج العربي والمنطقة العربية، كانت للإمارات مواقف مشرفة في حرب أكتوبر 1973 التي قال فيها الشيخ زايد، رحمه الله، بأن «النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي»، وقام بوقف صادرات النفط عن الدول التي ساندت العدو، وفي قضية الغزو العراقي للكويت، وفي العديد من القضايا العربية والإسلامية التي للإمارات فيها ومنها مواقف شجاعة ومشرفة تدعم وتؤيد الحقوق المشروعة للشعوب والدول الضالعة فيها.
إن منتدى الاتحاد لهذا العام كان متميزاً وناجحاً، وهو أمر يتكرر من خلال جميع المنتديات السابقة التي نظمتها الجريدة، وهو أتى في عام زايد الخير والعطاء الذي يحتفل به أهل الإمارات، حكومة وشعباً، وجميع شعوب الدول العربية التي مد لها زايد يده الخيرة المعطاءة، ووقف إلى جانبها في العديد من المحن التي أصابتها، وصادف الذكرى التاسعة والأربعين لتأسيس جريدة الاتحاد. لذلك فإن هذا المنتدى العتيد أصبح تقليداً وميزة ورمزاً لجريدة الاتحاد العريقة، ويتوجب علينا جميعاً أن ندعمه ونسانده لكي يبقى مستمراً وشامخاً ما بقي الدهر، كل منا بقدر استطاعته وجهده لأنه منبر وطني عاكس لتقدم الإمارات ورقيها العلمي والثقافي.
*كاتب إماراتي