انفجرت معركة سياسية كبيرة ذات دلالة مهمة داخل الساحة السياسية الإسرائيلية بين معسكر اليمين بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو و«معسكر السلام» بقيادة تسيبي ليفني، عندما نظم أنصار السلام الذين ينادون بحل الدولتين احتفالية ضخمة في الثالث من شهر نوفمبر الجاري للاحتفال بالذكرى السنوية لاغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين.
من المهم لاكتشاف أبعاد المعركة الحالية أن نتذكر أن الجنرال رابين رئيس حكومة حزب العمل، كان أول زعيم إسرائيلي يتجاسر على فتح طريق السلام مع الفلسطينيين، عندما وقّع اتفاقية أوسلو عام 1993 وسمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بزعامة الرئيس ياسر عرفات بدخول الضفة الغربية وقطاع غزة رئيساً للسلطة الفلسطينية. والتزم رابين بإجراء مفاوضات حول الحل النهائي مع الفلسطينيين تنتهي بعد 5 سنوات من توقيع أوسلو، وهو ما أثار معسكر اليمين الذي كان مهمشاً آنذاك في مقاعد المعارضة بالكنيست بزعامة بنيامين نتنياهو زعيم الليكود.
ونتذكر أيضاً أن زعماء اليمين شنوا حملة شديدة آنذاك ضد اتفاقية أوسلو وضد رابين تضمنت اتهامه بالتفريط في أرض إسرائيل، وتسليم قلْبها لـ«الأعداء»! وبلغت الحملة أوجَهَا عام 1995 وشارك فيها حاخامات الاستيطان المتطرفون الذين أصدروا فتاوى دينية تكفر رابين دينياً، وهي الحملة التي انتهت بقيام الشاب المتطرف يجآل عامير باغتيال رابين يوم الخامس من نوفمبر 1995 عند خروجه من احتفالية شارك فيها مع زعماء معسكر السلام، رداً على حملة الانتقادات اليمينية ضده وضد اتفاقية أوسلو.
وعودةً للمعركة الحالية، نجد أن منظمي الاحتفالية بذكرى الاغتيال وجهوا دعوةً لعدد من المتحدثين، من بينهم أحد وزراء الليكود الحاليين، هو تساحى هنجبي الذي كان أحد كبار المنتقدين لرابين في التسعينيات، غير أن الجماهير الحاضرة وجهت إليه صيحات استهجان، وهو ما فجّر المعركة الحالية، حيث علّق زعماء اليمين على صيحات الاستهجان بالقول إن أنصار اليسار يكتمون الأصوات المعارضة لهم وينتهكون حرية التعبير عن الرأي، وهو ما رد عليه أنصار رابين وحركة السلام بالقول إن الحملة ضد رابين في التسعينيات كانت حملةً للتحريض والتخوين ضده مما انتهى إلى اغتياله، وأنها ما زالت مستمرة إلى اليوم ضد معسكر السلام الذي يدعو لحل الدولتين.
شنت تسيبي ليفني زعيمة المعارضة انتقادات شديدة ضد معسكر اليمين قائلة إن هذا المعسكر يخلق حالياً أجواء يجري فيها اتهام أنصار «السلام» بالخيانة، ومؤكدةً أن من يعمل من أجل السلام ليس خائناً كما يُشيع اليومَ معسكرُ اليمين، وأن رابين دفع حياته ثمناً للسلام.
من ناحيته قال آفي جباي زعيم حزب العمل: لقد سئمنا من سياسات إشاعة الكراهية بين الإخوة اليهود ومن حملة التخويف والتحريض المستمرة.
إن الدلالة الواضحة لهذه المعركة الداخلية في إسرائيل هي أن أنصار حل الدولتين يشكون من تعرضهم لضغوط شديدة من جانب أنصار معسكر اليمين.