يوم العَلم هذه المناسبة العزيزة تُعيد بِنَا الأذهان إلى المؤسسين الأوائل الذين هيأوا البيئة الاتحادية كما نراها ماثلة أمامنا. تلك كانت الدلالة الزمانية في 2 ديسمبر 1971، والدلالة المكانية في «دار الاتحاد» في إمارة دبي، حيث تم رفع علم الدولة لأول مرة، بيد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبحضور أخيه الشيخ راشد بن سعيد آلِ مكتوم، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسين رحمهم الله تعالى، أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، بمناسبة إعلان قيام الاتحاد. هذه الانطلاقة التاريخية، مهدت لانضمام الدولة إلى الأمم المتحدة، لتكون العضو الـ132 في المنظمة الدولية.
دعا صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بمناسبة يوم العَلم، المواطنين والمقيمين والمؤسسات والوزارات والدوائر إلى رفع العلم موحداً في الأول من نوفمبر هذا العام.
رمزية يوم العلم، الذي يحل كل عام في الثالث من نوفمبر، تزداد قوة بتوافقها مع ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان- حفظه الله -رئاسة الدولة.
ما يؤكد حب شعب الإمارات لعَلم دولتهم هو ما جسدته بطولة افتداء أول جندي شهيداً للعَلم، لرفضه أوامر قوات شاه إيران، بإنزال عَلم إمارة رأس الخيمة، عند احتلال إيران لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسى، في 29 نوفمبر1971.
ولارتباط أعلام الدول باستقلالها، يتطلع كل شعب لنتائج الاستقلال. وضمن هذا الإطار، أوردُ ما نقله محمد حسنين هيكل - رحمه الله - عن أحد اجتماعات «حركة عدم الانحياز» عن أن «رئيس وزراء الهند جواهر لآل نهرو، بعد نقاشات بشأن الاستقلال، أمسك رأسه بيديه قائلاً لقد أوجعتم رأسي، سائلاً زملاءه: ماذا أعددتم لشعوبكم، سوى هذه القماشة الملونة (العَلم)؟» ودلالة ذلك، ما أعد له المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آلِ نهيان - طيب الله ثراه - من متطلبات لشعبه، من خلال توفير العيش الكريم له، وهو في بدايات التكوين. زايد فكّر في تلبية المتطلبات الضرورية واستحقاقات صنع عَلم الدولة، بما تتضمنه من مسؤوليات وطنية جمة.
الاحتفال السنوي بـ«يوم العلم» يرسخ الاعتزاز بالعلم، الذي يعبر عن الانتماء للوطن الذي نتشارك كلنا في محبته، والعمل على تعزيز روح المواطَنة فيه، وأن العَلَم هو رمز الهوية والتفاف الشعب حول قيادته، في ملمح يُعد أكبر إنجاز وطني.
مثل هذه التفاعلات الشعبية في تجاوبها الحر بعفوية دليل على أن شعب الإمارات أكمل مراحل التمكين في تحمل مسؤولياته الوطنية بكل ثقة واقتدار، وثمارها تتحقق، في تفانيه وعطائه، الذي بلغ أوجه في شهداء الوطن في ساحة المعارك باليمن، حيث معركة «العزم والأمل»، لنصرة الحق والشرعية ضد الإرهاب «الحوثي» التابع لإيران.
ولأهمية ما يرمز إليه العَلم، فقد «جرّم القانون الاتحادي رقم 2 لعام 1971 في مادته الثالثة، كل من أسقط أو أتلف أو أهان، بأي طريقة كانت عَلَم الاتحاد أو علم إمارة من الإمارات الأعضاء في الاتحاد..»
فِي هذا السياق، من المناسب أن نولي أهميةً في تعاملنا مع العَلم، وكيفية وضعه حسب ما أشارت إليه التعليمات، وعرضه بشكل يليق بمراسم وضعية العَلم، ومراعاة عدم عرضه بأشكال غير مناسبة، أو أن يتم تركه بعد انتهاء المناسبة لفترة طويلة يتعرّض إلى الاهتراء والتمزق.
*سفير سابق