لا بد أن القارئ سمع بالقافلة التي تضم آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي وتتحرك ببطء من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة. والرئيس دونالد ترامب جعل رحلتهم تتصدر الصفحات الأولى مؤكداً أن القافلة تمثل تهديداً للأمن القومي. وكي يدعم فكرته، حذر ترامب الأميركيين من «فوضى تامة» كتلك التي تسببت فيها الهجرة في أوروبا. ولا جديد في أن يعتقد ترامب أن أوروبا تمثل منطقة كوارث. فقد اتهم لندن من قبل بأنها «منطقة حرب»، وزعم أن صديقاً له لم يعد يذهب إلى العاصمة الفرنسية لأن «باريس لم تعد هي باريس»، وتحدث عن حوادث مروعة في السويد لم تحدث قط.
والآن ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي، يثير ترامب من جديد شبح الهجرة في أوروبا ليسوغ اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة في الولايات المتحدة. لكن المقارنة ليست ملائمة كما يعتقد. فحجم المشكلة على امتداد الحدود الأميركية لا يقترب بحال من حجم المشكلة التي واجهتها أوروبا عامي 2015 و2016. فقد تلقت أوروبا أكثر من 1.3 مليون طلب لجوء عام 2015 مقابل 331700 طلب تلقتها الولايات المتحدة العام الماضي. وجانب كبير من مشكلة الهجرة في أوروبا ناتج عن الجدل وسط أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن عدم عدالة توزيع أعباء المهاجرين على دول التكتل. كما أن سياسة التكتل بشأن الحدود المفتوحة لم تكن على مستوى المشكلة. والولايات المتحدة باعتبارها دولة واحدة ليس لديها مثل هذا الشقاق.
ومن نافلة القول إن أوروبا لم تسقط في فوضى واضطراب من النوع الذي قد يتخيله المرء حين يقرأ تغريدات ترامب على «تويتر». ففي ألمانيا التي وصل إليها مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين ضمن موجة الوافدين الجدد في أوروبا منذ عام 2015، أظهرت إحصاءات رسمية انخفاضاً بواقع 10% في الجرائم العام الماضي رغم مزاعم ترامب التي تخالف هذا. واللاجئون والمهاجرون ربما يستنزفون خزائن الدول الأوروبية على المدى القصير، لكن بعض الدلائل تشير إلى أنهم في المدى الطويل ربما يدعمون اقتصاد هذه الدول.
*صحفي متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»