عندما توجّه 50 ألف متظاهر إلى غابة «هامباخر» القديمة غرب مدينة كولونيا الألمانية قبل أسبوعين، كان الاهتمام كبيراً لدرجة أن حركة المرور توقفت على الطرق الواسعة عالية السرعة. وبرغم أن الزحام المروري أمر غير محمود عادة، إلا أنه في هذه الحالة تحولت المظاهرة المخطط لها إلى احتفال بعد الإعلان عن قرار إحدى المحاكم بمنع «آر دبليو ئي»، وهي إحدى شركات الطاقة النافذة في أوروبا، من مواصلة إزالة أشجار واحدة من أقدم الغابات في ألمانيا من أجل إفساح الطريق أمام منجم للفحم.
واحتفل المتظاهرون بإنقاذ أشجار الغابة التي يبلغ عمرها آلاف السنين، فيما يبدو انتصاراً نادراً من قبل نشطاء البيئة على الحكومات الأوروبية التي لطالما تجاهلت أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات الكربونية خلال السنوات القليلة الماضية. وفي حين كان التأييد في الحملات الانتخابية الأوروبية خلال العام الجاري للأحزاب المدافعة عن البيئة في ارتفاع من السويد إلى ألمانيا، لكن يبدو أن هناك مجموعة أخرى قادرة على إجبار الحكومات على إطاعة قوانينها ألا وهي: القضاة.
وقد أضحت المحاكم في كل من ألمانيا ودول أوروبية أخرى تشكل تحدياً متزايداً أمام الحكومات والشركات صاحبة المصلحة فيما يتعلق بالتغير المناخي خلال الأشهر القليلة الماضية، وسط تصعيد من قبل العلماء لتحذيراتهم من أن العالم أمامه وقت محدود للحيلولة دون كارثة عالمية من صنع البشر.
وقد أمرت محكمة استئناف في هولندا قبل أسبوعين المسؤولين بخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بصورة أسرع مما هو متصور حتى الآن، وهي بذلك منحت انتصاراً لنحو 900 مواطن رفعوا قضية ضد الحكومة. وخلال الشهر الماضي، حظرت محكمة ألمانية السيارات القديمة التي تعمل بالديزل كافة من دخول وسط مدينة فرانكفورت، بعد أن توصلت محكمة إدارية عليا في ألمانيا في بداية العام الجاري إلى أن السيارات المسببة لمستويات مرتفعة من التلوث يمكن حظر دخولها الطرق المزدحمة في أنحاء البلاد. ومن الممكن اتخاذ قرارات مماثلة؛ إذ من المتوقع أن تتخذ محكمة في برلين قراراً على الأسس ذاتها.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»