قاض محافظ في المحكمة العليا يتم التصديق على تعيينه من قبل مجلس الشيوخ، على الرغم من معارضة قوية، واتفاقية تجارة جديدة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وبيانات جديدة حول قوة الاقتصاد الأميركي. وعليه، فلا غرو أن دونالد ترامب يستطيع أن يدعي أن الأسبوع الماضي كان واحداً من أفضل أسابيعه منذ أن أصبح رئيساً.
في يوم السبت 6 أكتوبر، وافق مجلس الشيوخ بأغلبية 50 صوتاً مقابل 48 على تعيين برِت كافانو، ليصبح قاضياً مدى الحياة في المحكمة العليا للولايات المتحدة. وربما كانت المعركة حول تعيينه الحدث السياسي الأكثر احتداماً ومرارةً وتحيزاً في التاريخ الأميركي الحديث.
ذلك أن معظم الديمقراطيين كانوا معارضين لكافانو منذ لحظة تعيينه من قبل ترامب في 10 يوليو 2018، حيث يرون أنه راكم سجلاً محافظاً جداً في السنوات العديدة التي قضاها قاضياً ومحامياً. وكان كافانو قد عمل لحساب كينيث ستار، المحقق المستقل الذي عُين للتحقيق في سلوك الرئيس بيل كلينتون قبل وخلال رئاسته. وخلال إدارة جورج دبليو. بوش، عمل في البيت الأبيض «سكرتيراً للموظفين». وفي عام 2006، عُين قاضياً في محكمة الاستئناف الأميركية لمقاطعة كولومبيا بعد عملية تعيين دامت ثلاث سنوات بدأت في 2003 وحورب خلال مختلف مراحلها من قبل الديمقراطيين الذين احتجوا بأنه أكثر تحيزاً سياسياً من أن يكون قاضياً ناجحاً.
وعندما بدأت جلسات الاستماع الخاصة بتعيينه في المحكمة العليا، كان واضحاً ألا أحد من الديمقراطيين تقريباً سيدعمه، لكن رئيس اللجنة القضائية السيناتور الجمهوري تشارلز غراسلي وضع أجندة مزدحمة جداً من أجل تسريع جلسة الاستماع حتى يتسنى التصديق على تعيين كافانو قبل استئناف المحكمة العليا لعملها في الأول من شهر أكتوبر. غير أنه عندما أصبحت قصص مغامراته حين كان شاباً في المدرسة الثانوية ثم في كلية «يل» مرتبطةً بادعاءات بتحرشه الجنسي ببعض الشابات، وجدت اللجنة أنها مضطرة للنظر في تلك التهم.
وفي 27 سبتمبر، أدلت كريستين بلازي فورد، أستاذة علم النفس بجامعة بالو آلتو، بشهادة قالت فيها إن برِت كافانو اعتدى عليها حين كان مخموراً سنة 1982 بمنزل في مدينة بثيزدا بولاية ميريلاند. وقد كانت شهادتها قوية ومقنعة والكثير ممن شاهدوها صدقوا قصتها على الرغم من قلة الأدلة التي تدعم أقوالها. ثم أعقبها كافانو الذي ألقى واحداً من أكثر الخطابات قوة وغضباً وتعصباً، وقد نفى فيه الاتهامات الموجهة إليه جملة وتفصيلاً، مهاجماً في الوقت نفسه السيناتورات الديمقراطيين في اللجنة الذين تحدوه.
جلسة الاستماع تلك انتهت إلى منح «مكتب التحقيقات الفدرالي» (إف بي آي)، مهلة أسبوع من أجل فحص الادعاءات الموجهة ضد كافانو، لكن في إطار قواعد صارمة من البيت الأبيض بخصوص من يستطيع استجوابهم ومن لا يستطيع. غير أن التقرير لم يأتِ بأي أدلة جديدة تدعم تلك الاتهامات، ثم سرعان ما انتقل أنصاره إلى التصديق على تعيينه. غير أن ما جرى ترك مرارة كبيرة ولا شك أنه سيكون عاملاً مؤثراً في الانتخابات النصفية.
الاتفاقيتان التجاريتان اللتان تمت الموافقة عليهما خلال هذه الفترة نفسها، تتعلقان بإعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لبلدان أميركا الشمالية («نافتا»)، واتفاقية جديدة تدعى «اتفاقية الولايات المتحدة- المكسيك- كندا». الاتفاقية لم يتم التصديق عليها من قبل برلمانات البلدان الثلاثة، لكن يبدو أنها لا تختلف عن «نافتا» إلا قليلاً، غير أنه من وجهة نظر ترامب، تُثبت الاتفاقية الجديدة أن الصرامة والخشونة مع الجيران والأصدقاء المقربين يمكن أن تعود بالفوائد إذا أدركوا أن عليهم الخضوع لإرادة الولايات المتحدة. ولا شك في أن ترامب سيواصل تبرير سياسته المتشددة بخصوص الرسوم التجارية مع الصين وبلدان آسيوية أخرى وأوروبا.. على نفس الأسس. وعلى المدى القصير، من الواضح أن «اتفاقية الولايات المتحدة -المكسيك -كندا» تمثل انتصاراً لترامب، وأنه سيقوم باستغلالها بشكل جيد.
كما أن لدى ترامب سبباً آخر ليكون مسروراً بأحدث البيانات حول الاقتصاد الأميركي، والتي أظهرت نمواً متواصلاً، وطفرةً في سوق الأسهم، وأقلَّ معدلات للبطالة منذ عقد الستينيات. وعلاوة على ذلك، فإن الأخبار السارة هذا الأسبوع غطت على تداعيات مقال طويل ومفصل من 15 ألف كلمة نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في الثاني من أكتوبر، تحدث عن غش ضريبي داخل إمبراطورية ترامب التجارية، وأثار أسئلة بشأن صحة أقوال ترامب بشأن ثروته وكيف راكمها.
ولا يسع ترامب إلا أن يأمل أن تجلب له الأسابيع المقبلة مزيداً من الأخبار السارة حتى تغطي على القصص السلبية الكثيرة المتعلقة به، والتي لا شك أنه سيتم تسليط الأضواء عليها أكثر خلال هذه الفترة الانتخابية.