سفينة شحن تعبر مقطعاً من قناة بنما، بعد انخفاض منسوب المياه في القناة خلال معظم العام الماضي، مما تسبب في تراجع حركة عبور السفن وفي خلْق اضطراب أصاب سلاسل الإمداد العالمية وأعاد تذكير الأسواق بأهمية الدور الذي تلعبه قناة بنما في منظومة التجارة البحرية العالمية. 

وخلُص فريقٌ دولي من الباحثين إلى أن الجفاف الذي عرفته قناة بنما العام الماضي كان بسبب هطول أمطار أقل من المعدل الطبيعي، وذلك جرّاء تأثير دورة المناخ الطبيعية المعروفة باسم «النينيو». وقال الباحثون في تقرير بهذا الشأن، نُشر مؤخراً، إن المخاوف المتعلقة بالمياه في المنطقة قد تتفاقم خلال العقود المقبلة، خاصة مع نمو سكان بنما وتوسع التجارة المنقولة بحراً، متوقِّعين أن يشكل الطلب على المياه حصةً أكبر بكثير من الإمدادات المتاحة بحلول عام 2050، مما يعني أن سنوات النينيو المستقبلية ستتسبب في اضطرابات أوسع نطاقاً، ليس فقط بالنسبة للشحن البحري العالمي، ولكن أيضاً فيما يخص توفر إمدادات المياه للسكان المحليين.
لقد أدى انخفاض مستويات الخزان المرتبط بالقناة إلى خفض عدد السفن التي سُمح لها بعبور القناة، وهو مما تسبب في مشاكل باهظة الثمن لشركات الشحن. ولم تبدأ مياه القناة في الارتفاع مجدداً إلا في الأشهر الأخيرة فقط. وعلى ضوء ذلك أوضح التقرير أن «التغييرات الصغيرة في هطول الأمطار يمكن أيضاً أن تؤدي إلى تأثيرات غير متناسبة»، خاصة أن تهاطل الأمطار يعد ضرورياً لإمكانية تشغيل القناة ولتوفير مياه الشرب التي يستهلكها سكان بنما البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة. كان هطول الأمطار العام الماضي أقل من المعتاد بنحو الربع، مما يجعله العام الثالث الأشد جفافاً في البلاد منذ قرابة قرن ونصف القرن من تقييد سجلات المطر. وقد حدثت موجة الجفاف بعد وقت قصير من حدوث نوبتين أخريين أعاقتا أيضاً حركة المرور في القناة، إحداهما كانت في 1997-1998، والأخرى في 2015-2016.. وتزامنت الموجات الثلاث مع الظاهرة الجوية المعروفة باسم «النينيو». ووفقاً للتقرير فإنه لم يحدث مِن قبل أن كانت مواسم الجفاف بهذه الشدة وبهذا التقارب أيضاً. وأراد العلماء الذين أجروا التحليل الأخير معرفة ما إن كان الأمر مجرد حظ سيئ، أم أنه حالة مرتبطة بالاحتباس الحراري وبالتالي فهي نذير بأخطار قادمة؟ وللإجابة على هذا السؤال، فحصوا جميع سجلات الطقس في بنما، واستخدموا نماذج الكمبيوتر التي تحاكي المناخ العالمي في ظل ظروف مختلفة.. ووجدوا أن قلة الأمطار، وليس درجات الحرارة المرتفعة التي تتسبب في تبخر المزيد من المياه، هي السبب الرئيس لانخفاض المياه في خزانات القناة. كما وجدوا أن ظاهرة النينيو مرتبطة على نحو أكثر وضوحاً بانخفاض معدل هطول الأمطار في المنطقة. وفي الوقت الحالي، تضعف هذه الظاهرة، ومن المتوقع أن تظهر قريباً ظاهرة «النينيا» التي تعد مرحلة معاكسة لها من الدورة الجوية. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)