تعمل دولة الإمارات بشكل مستمر على تعزيز التجارة العالمية، ودعم عملية التنمية في الدول النامية، وتتنوع الجهود التي تبذلها الدولة في هذا السياق من أجل دعم التنمية المستدامة على الصعيد الدولي، لكنها تتسم بالتواصل والديمومة، وكان من أحدث هذه الجهود استضافتها المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، خلال الفترة من 26 إلى 29 فبراير 2024.
وقد شهد هذا المؤتمر إجراء نقاشات حيوية حول القواعد واللوائح المنظمة لشؤون التجارة العالمية، وتبادل الأفكار والرؤى حول الحلول المناسبة لأبرز التحديات الراهنة، وبحث سُبل تعزيز التنمية المستدامة، ما يعزز آفاق كفاءة واستدامة وشمولية النظام التجاري العالمي. وشهد المؤتمر حضور 175 وفداً من أعضاء المنظمة والأعضاء بصفة مراقب، بالإضافة إلى القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية وممثلي المجتمع المدني.
وأُطلقت دولة الإمارات مبادرات عدة في المؤتمر لدعم التجارة والتنمية، ومنها منصة «التجارة من أجل التنمية»، التي تهدف إلى مساعدة مفاوضي الدول النامية والأقل نمواً على التوصل لاتفاقيات أكثر عدالة. وتتضمن المبادرة مكتبة افتراضية لمحتوى الفيديو من خبراء التجارة العالميين تغطي المجالات الموجودة في اتفاقيات التجارة، بحيث تكون متاحة لمسؤولي 8 من الدول النامية الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية (إثيوبيا، وموزمبيق، وأنتيغوا وبربودا، وأذربيجان، وأوزبكستان، وجزر القمر، وقيرغيزستان، وبربادوس)، وذلك انطلاقاً من إدراك الإمارات أهمية دعم الوعاء المعرفي للمفاوضين كأمر أساسي لمساعدة الدول النامية والأقل نمواً في صياغة اتفاقيات تخدم مصالحها، نظراً لدور التجارة في تسريع جهود التنمية ورفع مستويات المعيشة، ما يعزز جهود تلك الدول للتغلب على التحديات التنموية التي تواجهها ويدعم فرصها للنمو المستدام.
كما تضمنت إسهامات الإمارات على هامش المؤتمر لدعم الجهود العالمية للتنمية، إعلانها تخصيص 5 ملايين دولار لدعم «صندوق النساء المصدرات في صندوق الاقتصاد الرقمي»، وذلك ضمن المنحة التي قدمتها بقيمة 10 ملايين دولار لدعم صناديق منظمة التجارة العالمية، ما يدعم أهداف التنمية المستدامة والشاملة، خاصة في البلدان النامية والأقل نمواً، بالإضافة إلى مبادرة «التجارة والاستدامة والذكاء الاصطناعي» بهدف الاستفادة من تطور الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة سلاسل التوريد عبر تحسين طرق الشحن واللوجستيات وتطوير البنية التحتية التجارية (تتضمن مجموعة من الشركاء الرئيسيين كمختبر جهاز أبوظبي للاستثمار و«كور42» وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وبوابة المقطع «الذراع الرقمية لمجموعة موانئ أبوظبي»).
وجاء إطلاق الإمارات تقرير «الاستثمار في نمو التجارة العالمية: توظيف الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تحفيز التجارة» ضمن إسهاماتها الفاعلة خلال المؤتمر، إذ تضمن توصيات مهمة حول أفضل السياسات التي يمكن اعتمادها لإنشاء مشاريع داعمة للنمو، مع التأكيد على أهمية خفض تكاليف التجارة، وتحسين شفافية العمليات التجارية، ما يعزز قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على النفاذ إلى الأسواق العالمية، وتقليص مخاطر البنية التحتية للتجارة، والتعاون بين المنظمات الدولية في مجالات إجراء البحوث وبناء القدرات، وتبادل المعرفة والبيانات.
وفي ختام أعمال المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، تم اعتماد إعلان أبوظبي الوزاري، وثيقة تاريخية تنطوي على اتفاقيات وقرارات تجارية من شأنها تعزيز النظام التجاري العالمي لتشمل المزيد من دول العالم، وبما يفسح المجال للبناء على تلك الإنجازات من أجل مستقبل أكثر ازدهاراً للتجارة العالمية، ما يؤكد تبني الإمارات نموذج اقتصاد حر يرحب بالتبادل الاقتصادي والتجاري الدولي والإقليمي مع شركائها وبناء شراكات تجارية واقتصادية واسعة، لترسيخ مكانتها إقليمياً وعالمياً.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية