في نجاحٍ جديد لدولة الإمارات، وتثمينٍ لجهودها الرائدة في مجال مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة وجرائم غسل الأموال، أعلنت مجموعة العمل المالي (FATF) رفع اسم الإمارات من قائمتها الرمادية في 23 فبراير الجاري، وذلك بعد جهود حثيثة ومدروسة بذلتها الدولة لتوضيح الإجراءات والتدابير التي اتخذتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومحاسبة المتورطين فيهما. 
وقد أكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد أن الإمارات تترقب زيادة نشاط التجارة والأعمال والانفتاح، بعد الخروج من القائمة الرمادية، مشيراً إلى أن الدولة طالما ركزت على بناء القدرات وتطوير الكفاءات، والتأكد من عمل الحكومة بأكملها بشكل متضافر للخروج من القائمة، مؤكداً أن الإمارات تعتزم زيادة طلبات المساعدة القانونية المتبادلة، وأنها وقعت 45 طلباً حتى الآن.
وفي الواقع، فإنه ومنذ إدراج دولة الإمارات في مارس 2022 ضمن القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، تشير المنشورات الصادرة عن المجموعة إلى قيام الإمارات بتنفيذ العديد من الإجراءات بشأن تعزيز إطارها التشريعي والتنظيمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكانت دولة الإمارات قد اتخذت العديدَ من الإجراءات المبكرة في مجال مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة وجرائم غسل الأموال، ومنها قرار مجلس الوزراء في ديسمبر 2020 بإنشاء المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واعتماد القائمة الموحدة للمخالفات والغرامات الإدارية على مخالفي أحكام قانون مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة بهدف تعزيز مكانة الدولة وتنافسيتها في مجال مواجهة غسيل الأموال، والمشاركة الفعالة في تبادل المعلومات والتنسيق مع الشركاء والجهات التنفيذية والرقابية حول العالم والأمم المتحدة. 
كما أنشأت وزارة العدل محاكم متخصصة لنظر جرائم غسل الأموال بالقضاء الاتحادي في الشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة، ومحكمة متخصصة في أبوظبي للنظر في جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي. وأصدر مصرف الإمارات المركزي إرشادات جديدة للمؤسسات المالية المرخصة في الدولة، والتي تشمل البنوك وشركات التمويل والصرافة، بشأن مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، لتعزيز مراعاتها لمعايير مجموعة العمل المالي، وأطلق بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة منصة رقمية (GOAML) لجمع وتحليل المعلومات المالية بما يتوافق مع متطلبات مكافحة غسل الأموال، وأصبح التسجيل في المنصة إلزاميّاً لجميع المؤسسات والشركات المالية مثل البنوك ومكاتب الصرافة وشركات التمويل. 
وتضمنت تلك الجهود إبرام 45 معاهدة في مجال المساعدة القانونية المتبادلة، و200 طلب للمساعدة في تسهيل التحقيق في أنماط تمويل الإرهاب وغسل الأموال والجرائم الأصلية. وعلى صعيد إنفاذ القوانين المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب تم تحصيل غرامات بلغت نحو 249 مليون درهم مقابل نحو 76 مليون درهم خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر من عامي 2022 و2023، ما يمثل زيادة تفوق 300%، ونفذت وزارة الاقتصاد وحدها 3173 جولة تفتيشية نتج عنها توقيع غرامات مالية على 284 منشأة.
ومما لا شك فيه أن الجهود الكبيرة التي بذلتها دولة الإمارات لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة وجرائم غسل الأموال، قد جعلت رفع اسمها من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، أمراً متوقعاً قبل الاجتماع الأخير للمجموعة، وقد أشارت إلى هذا التوقع العديد من التقديرات، ومنها تقرير صدر عن وكالة «بلومبرغ» للأنباء، في 19 فبراير 2024، أي في اليوم الأول للاجتماع، وقد تأسس هذا التوقع على خلفية قيام أعضاء من فريق للمجموعة بزيارة ميدانية للدولة، خلال يناير الماضي، وأشارت تعليقاتهم إلى تقدم كبير أحرزته الإمارات.
ويمنح إعلان مجموعة العمل المالي خروج الإمارات من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي دفعة ثقة جديدة للاقتصاد الوطني، ما يعزز من تنافسية الدولة إقليميّاً وعالميّاً باعتبارها أحد أهم المراكز المالية الإقليمية والعالمية، ونقطة جذب رئيسة للاستثمارات بالمنطقة، ويؤثر بشكل إيجابي في التصنيفات السيادية للدولة وتصنيفات البنوك المحلية، ويدعم الاستقرار المالي وتنافسية القطاع المصرفي الإماراتي، ما يعني ثقة أكبر من المستثمرين الدوليين في الاقتصاد الإماراتي. 

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية