يشهد العالم حالة غير مسبوقة من ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في أكثر من منطقة، يمكن أن تزيد من مخاطر تعثر واضطراب خطوط الإمداد، وتضع الدول أمام تحديات اقتصادية وتجارية واستثمارية متنوعة. وبالرغم من ذلك، استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة مواصلة ترسيخ مكانتها كوجهة إقليمية وعالمية مفضلة للاستثمارات الأجنبية الباحثة عن بيئة أعمال داعمة للنمو والتوسع.
وقد جاءت مخرجات التقرير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» الذي يغطي نحو 200 دولة حول العالم، لتعكس مُجددًا مدى كفاءة الجهود الحثيثة للحكومة والرؤى الاستشرافية لقيادتنا الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التي تمكنت من تعزيز بيئة العمل الوطنية والمناخ الاستثماري، كبيئة داعمة للابتكار والنمو تتسم بالانفتاح الاستثماري والتجاري عالمياً.
ولعل استهداف حكومة دولة الإمارات مواصلة الحفاظ على جاذبيتها العالمية في استقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، جعلها تُسجل ثاني أعلى زيادة عالمية في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي الجديدة بنسبة تقدّر بـ28% خلال عام 2023 مقارنةً بعام 2022، على الرغم من تراجُع هذه التدفقات في العديد من دول العالم، وهو الأمر الذي يُعد دليلًا واضحًا على ترسيخ دولة الإمارات مكانتها كمركز دولي للأعمال ووجهة عالمية مفضلة تمتزج فيها التكنولوجيا والريادة مع رؤوس الأموال والاستثمارات من مختلف دول العالم.
وفي الواقع، فإن ما كشف عنه تقرير «الأونكتاد» يزيد من ثقتنا في تحقيق الاقتصاد الوطني المزيد من النمو وتحقيق ما نتطلع إليه من إنجازات خلال العام الحالي، ويرسخ من مكانة دولة الدولة مركزًا تجاريًا عالميًا، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بقول سموه «ندخل العام الجديد بتفاؤل وثقة وإيجابية.. ونشكر كل من راهن ويراهن على اقتصاد الإمارات.. ونقول له بأن قادمنا أجمل بإذن الله»، وعلى نحو متصل بذلك، أكد سموه مسبقًا على الدور الفاعل والإيجابي الذي تسهم به دولة الإمارات في حركة الاقتصاد العالمي خاصةً القطاعات الحيوية وأهمها القطاع التجاري، مبرهنًا سموه بذلك على تنامي قدرة المؤسسات والشركات الوطنية وتوسع أنشطتها خارجيًا، وفقًا لاستراتيجيات الحكومة في هذا السياق، لتخدم بذلك مجالات شراكة دولة الإمارات مع مختلف دول العالم، ما يدعم مسيرة التطوير الشاملة والتنمية المستدامة في الدولة.
ومما لا شك فيه أن من أهم المقومات الرئيسية الجاذبة التي تُسهم في زيادة ثقة مجتمع الأعمال العالمي في الاقتصاد الوطني، تطوّر وكفاءة سياسات الدولة في مجالي الاستثمار والتجارة الوطنية والدولية، وبيئتها التشريعية المرنة، والتزامها بتحقيق مستهدفات النمو المستدام. ومن أبرز ما يؤكد ذلك:
أولاً: إطلاق حكومة دولة الإمارات خلال مشاركتها باجتماعات الدورة الـ 54 لمنتدى «دافوس» العالمي مركزًا للسياسات التجريبية للتجارة العالمية، والذي يستهدف تطوير الأطر التنظيمية ودعم السياسات والتشريعات ونشرها عالميًا وتعزيز مجال تكنولوجيا التجارة العالمية التي من شأنها أن تُحفّز من نمو التجارة العالمية وتزيد مساهمتها في تحقيق التنمية الشاملة حول العالم.
ثانيًا: الإعلان عن استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية بقيادة أعضاء من 164 دولة خلال الفترة من 26 إلى 29 فبراير 2024، ما يعكس مواصلة جهودها والتزامها المستمر للتغلب على التحديات الاقتصادية وتسريع نمو التجارة وتدفقات الاستثمار والتنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، ويؤكد بصمتها الإيجابية في تشكيل مستقبل التجارة والاستثمار عالمياً.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية