بحضورٍ كريمٍ من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أعلنت دولة الإمارات في حفل الإعلان الذي أقيم في قصر الوطن في أبوظبي، يوم الأحد السابع من يناير الجاري، انضمامها إلى مشروع عالمي للتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان في بناء وتطوير محطة الفضاء «البوابة القمرية Lunar Gateway»، الأولى في تاريخ البشرية، إضافةً إلى الإعلان عن خططٍ لإرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى القمر ما بعد عام 2030.
وكعلامة فارقة في التعاون الدولي في مجال الفضاء، ستعمل الإمارات، ومن خلال كوادرها الوطنية على تطوير وحدة معادلة الضغط لمحطة البوابة القمرية، التي ستضع أساساً مهماً لبعثات البشر إلى القمر، والمهمات المستقبلية بعدها إلى المريخ، هذا إلى جانب إسهامها في تطوير مشروعات استكشاف الفضاء العميق وتوسيع فهمنا للكون. وتنبع أهمية هذه الوحدة في كونها ستخدِم المحطة القمرية التي ستحلق في مدارٍ قريب من القطب الجنوبي للقمر، لتكون منصةً للتجميع، والتزود بالوقود وإطلاق الرحلات الفضائية طويلة الأمد إلى القمر والمريخ وما بعدهما.
وُتمثِّل وحدة معادلة الضغط بالفعل أحد أهم أجزاء المحطة، حيث ستوفر ممراً آمناً ما بين الجزء الداخلي للمحطة وبيئة الفضاء الخارجي لتمكين رواد الفضاء من الخروج للسير في الفضاء، وأداء مهام الصيانة، وإجراء التجارب العلمية. وستكون الوحدة نقطة الإرساء الأساسية للمركبات الفضائية القادمة من الأرض أو العائدة إليها، ما سيسمح بنقل الرواد والإمدادات من البوابة القمرية وإليها. إضافة إلى هذا، ستدعم وحدة معادلة الضغط تطوير التكنولوجيات اللازمة لاستكشاف سطح القمر وما في باطنه، كما أنه تمهد الطريق لعودة الرواد إلى القمر، بعد غياب تجاوز الخمسين عاماً، بل وإقامة المستوطنات البشرية الدائمة عليه.
إن مشاركة دولة الإمارات في المشروع تُمثِّل خطوةً مهمة ضمن استراتيجية وطنية طويلة الأمد تسعى إلى ترسيخ الدور الفاعل والمؤثر عالمياً في مجالات الفضاء، وأكد هذا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال حفل الإعلان، حيث أشار سموُّه إلى أن مشاركة دولة الإمارات في هذا المشروع العالمي، الذي يضم نخبة الدول المتخصصة في مجال استكشاف الفضاء، يُجسد حرص الدولة على تعزيز الشراكة مع العالم خدمةً للعلم والبشرية، وضمان تحقيق التقدم والازدهار للجميع. وعبر سموّه كذلك عن فخره بالمؤسسات والكوادر الوطنية التي تسهم في تحقيق طموحات الدولة في مجال الفضاء، مؤكداً سموُّه مواصلة الدعم لتسجيل مزيدٍ من النجاحات الوطنية في الفضاء، وتعزيز مشاركة الإمارات في المهام والفعاليات الدولية الخاصة فيه، وبما يصبُّ في النهاية في مصلحة التنمية المستدامة للدولة والعالم أجمع.
وحول قيمة المشاركة في هذه المحطة القمرية المتطورة، ذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن «المشروع هو الأكثر تقدماً لعودة البشر إلى القمر للنزول على سطحه، وجعله قاعدة لمهمات مستقبلية نحو المريخ.. وستكون الإمارات ضمن هذا المشروع الذي يمثل أحد أكبر طموحات البشر في الفضاء خلال العقد المقبل».
إن انضمام دولة الإمارات لهذا المشروع العلمي العالمي الكبير يُعد شهادةً على حضورٍ دولي متميز لها في مجالات استكشاف الفضاء، ويؤكد في الوقت ذاته طموحاً وطنياً يسعى إلى التقدم العلمي، بما يدفع حدود المعرفة، ويُلهم الأجيال المقبلة من مواطني الدولة، ويخدم مستقبل البشرية بأكملها.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية