تعكس استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ («كوب 28») وأجندته الحافلة، الدورَ الإماراتي الفاعل في قيادة التغيير لمواجهة تداعيات وآثار التغيرات المناخية.

فقد سعت دولة الإمارات، وعلى مدى الأيام السابقة من خلال استضافتها الفاعلة لـ«كوب 28» إلى إيجاد أرضية مشتركة وبناء توافقات بين الدول المتقدمة والنامية من أجل مواجهة التغيرات المناخية.

كما تقدم دولة الإمارات نموذجاً رائداً في تبني استراتيجيات بيئية شاملة ومتكاملة تستند إلى منظومة تشريعية وإلى مشاريع ركزت على العمل من أجل تقليل الانبعاثات الكربونية، والتوسع في مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وتوظيف التكنولوجيا في تحقيق هذا الهدف، وتحقيق التنمية المستدامة. وتحظى أشجار القرم بمكانة خاصة بالنسبة للإمارات، كونها تحمي أراضيها الساحلية من التآكل وتكون بمثابة موائل مهمة للأسماك والطيور المهاجرة.

كما أنها تمتص الكربون، وهو حل قائم على الطبيعة لعزل الكربون على نطاق واسع. وكانت الإمارات قد أعلنت على هامش فعاليات يوم التنوع البيولوجي في مؤتمر الدول الأطراف (كوب 28) الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ عام 2022 عن إطلاق تحالف القرم من أجل المناخ.

ويهدف التحالف إلى دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالمياً كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، حيث تسهم أشجار القرم في تعزيز مواجهة تداعيات التغير المناخي. وكانت أشجار القرم حاضرة على جدول أعمال الوزراء المشاركين في «كوب 28» لتقييم وتحديث التقدم العالمي في مجال استعادة أشجار القرم وحمايتها لـ15 مليون هكتار بحلول عام 2030.

وتملك دولة الإمارات العربية المتحدة إرثاً قَيِّما من الاستدامة وتجربة ثرية في مجال الحفاظ على أشجار القرم كان رائدها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

ولطالما كانت المحافظة على البيئة والتشجير في صلب اهتماماته. فقد قال طيب الله ثراه: «إننا نولي بيئتَنا جلّ اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا، لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض، وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجةَ للمحافظة عليها، وأن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط».

وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي، أطلق المغفور له الشيخ زايد برامج تشجير واسعة لزراعة أشجار القرم في شواطئ دولة الإمارات. ومن هنا، كان الحرص على استدامة أشجار القرم من خلال التركيز على استزراعها والمحافظة عليها، باعتبارها ضمن النباتات الخاضعة للمحميات الطبيعية.

فعلى المستوى التشريعي أولت قوانينُ الدولة عنايةً خاصة بالمحافظة على أشجار القرم، حيث ركز القانون الاتحادي 24 الصادر سنة 1999، بشأن حماية البيئة وتنميتها، في أحد بنوده، على منع قطع أشجار القرم في الدولة. وتغطي أشجار القرم 204 كيلومترات مربعة من مساحة الدولة خلال عام 2022، منها 176 كيلومتراً مربعاً في إمارة أبوظبي. وتوجد في دولة الإمارات حالياً 43 محمية طبيعية معلَنةً تتبع للحكومات المحلية في كل إمارة.

وتسعى الدولة من خلال مبادرة تنمية القرم إلى زراعة 100 مليون شجرة بحلول عام 2030. لقد ساهمت رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في توجيه مسار دولة الإمارات باكراً باتجاه مبادرات الحفاظ على البيئة والتي غدت نهجاً راسخاً للقيادة وأولوية قصوى في أجندة الدولة داخلياً وخارجياً. واليوم تقدم دولة الإمارات نموذجاً عالمياً رائداً وملهماً على أرض الواقع للدول الأخرى في مواجهة التغيرات المناخية والاهتمام بقضايا المناخ والبيئة.

*كاتبة إماراتية