منذ انطلاقها للمرة الأولى عام 2017، رسَّخت فعالية «الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات» مكانتها بوصفها منصة لمناقشة واقع العمل الحكومي في دولة الإمارات، يشارك فيها عدد كبير من صُناع القرار ومتخذيه في الدولة، وكبار المسؤولين التنفيذيين، على المستويين الاتحادي والمحلي، بهدف الوصول إلى توحيد العمل الحكومي كمنظومة واحدة على المستويين الاتحادي والمحلي.

ويحرص المشاركون في هذه الاجتماعات على تقديم تقييم واقعي لمختلف جوانب العمل الحكومي، وتحديد أفضل الأدوات التي تضمن استدامة نجاح العمل الحكومي، وترسيخ المكانة المرموقة التي وصل إليها وفق أكثر التصنيفات العالمية موثوقية وتأثيراً، إذ سجلت الدولة المركز الأول عالميّاً، في «تقرير التنافسية العالمي» لعام 2023، في 186 مؤشراً، يتعلق عدد كبير منها مباشرة بالعمل الحكومي، مثل: «قدرة سياسة الحكومة على التكيف مع المتغيرات»، و«غياب البيروقراطية».

وكان الاقتصاد هو محور «الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات» لهذا العام التي انعقدت يومي 7 و8 نوفمبر 2023، وهو ما يتسق مع تصور دولة الإمارات لدور الاقتصاد الذي يتجاوز تحقيق التنمية والرخاء للمواطنين، إلى أهداف ونتائج أكثر شمولاً، عبَّر عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بقوله «نحن في دولة الإمارات نؤمن بأن الاقتصاد هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم، خاصةً عندما تمتلك الحكومات والشعوب الإرادة والشجاعة لبناء الشراكات ومواجهة التحديات».

كما يظهر ذلك أيضاً في أن خمسةً من «مبادئ الخمسين» العشرة ترتبط مباشرة بالاقتصاد. ويظهر هذا الموقع المحوري للاقتصاد في الأولويات التي حدَّدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لهذه الاجتماعات، وهي: الحفاظ على الزخم الاقتصادي والتنموي الذي تمر به الدولة وتعزيزه وترسيخه، والتركيز على الشباب عبر تعزيز قيمهم وارتباطهم بهويتهم، وإيجاد الفرص الاقتصادية والوظيفية التي توفر لهم الحياة الكريمة، والتفكير بشكل مختلف في المشروعات التنموية والاقتصادية، لتكون أكثر استدامة وحفظاً للموارد، وحفاظاً على البيئة. كما ظهر ذلك الدور المحوري في «وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات» التي أقرتها الحكومة خلال الاجتماعات.

وتتضمن الوثيقة عشرة مبادئ ترسم جميعها طريقاً للاقتصاد الوطني نحو مواصلة الازدهار والتفوق خلال السنوات العشر المقبلة، ومن بينها: اقتصاد منفتح على العالم بلا قيود، واستقطاب أفضل الكفاءات الاقتصادية، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي، وبناء اقتصاد مستدام ومتوازن، وحماية استقرار أنظمة الدولة المالية، والتطوير المستمر للتشريعات الاقتصادية، إلى جانب إقامة أفضل نظام مصرفي، وأفضل بنية تحتية لوجستية في العالم. وتستند دولة الإمارات، وهي تضع هذه المبادئ إلى إنجازات اقتصادية ملموسة تؤكدها المؤشرات الاقتصادية لعام 2022، إذ وصل الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.62 تريليون درهم بالأسعار الثابتة، وبنسبة نمو تبلغ 7.9% قياساً إلى عام 2021، في حين يبلغ 1.86 تريليون درهم بالأسعار الجارية، بزيادة تبلغ 22.1 عن عام 2021.

كما تستند الدولة كذلك إلى توقعات ذات مصداقية عالية، بتحقيق تطورات إيجابية خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ أشاد صندوق النقد الدولي بالسياسات والإجراءات الاقتصادية في دولة الإمارات، في ختام زيارة لمسؤوليه إلى الدولة منتصف شهر أكتوبر الماضي. وتوقع الصندوق أن تبلغ نسبة الاستثمار إلى الناتج الإجمالي نحو 25.9% عام 2023 مقابل 23.8% عام 2022، لتصل إلى 26.6% في عام 2028، وأن ينمو الناتج الإجمالي الحقيقي للإمارات إلى 4.5% عام 2028، وبمتوسط يبلغ 4.1% خلال الفترة 2023-2028.

وتشير الإنجازات الاقتصادية التي تحققت بالفعل، والتوقعات الإيجابية للمستقبل، إلى أن الرؤية الواضحة وكفاءة التخطيط والتنفيذ والمعايير العالية للعمل الحكومي، على النحو الذي يتمثل في فعاليات مثل «الاجتماعات الحكومية لدولة الإمارات»، جزء لا يتجزأ من مسيرة النمو والرخاء والاستقرار.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية