تمر المنطقة العربية بمنعطف خطير، وكل السيناريوهات مطروحة الآن بسبب ما يحصل من توتر وتصعيد غير مسبوق في فلسطين، وهو تصعيد ينذر بخطر ربما الأشد في تاريخ المنطقة. 
ومما زاد الأمر تعقيداً تصريحاتُ الرئيس الأميركي الأخيرة، وكذلك تصريحات وزير خارجيته التي زادت الموقف تعقيداً، وكل ذلك يأتي في إطار حملة بايدن الانتخابية.
لا شك في أن أكثرية المواطنين العرب لم يتعاطفوا مع الهجوم المباغت الذي شنه مسلحون فلسطينيون على الثكنات والبلدات الإسرائيلية قرب قطاع غزة، مما أربك الجانب الإسرائيلي، لكن لعل موقف الأكثرية بدأ يتغير بعد الهجمات الإسرائيلية والتصريحات الغربية المتكررة الداعمة لهذه الهجمات العنيفة بحق المدنيين الفلسطينيين.
ورغم تحفظاتنا الواضحة على الهجوم الفلسطيني، فإن الانفجار الحالي يمثل في الواقع نتاجَ تراكمات كثيرة، كان أبرزها الاقتحامات المتكررة لحرمة الأقصى على أيدي المستوطنين، ناهيك عن ازدياد المداهمات والاعتقالات في الضفة الغربية في ظل صمت المجتمع الدولي. ولا شك في ذلك الصمت يمثل سبباً وراء فقدان الآلاف أرواحَهم سواء من الفلسطينيين أو الإسرائيليين.
إن انسداد الأفق السياسي هو ما قاد ويقود نحو الانفجار، لا سيما في جبهة غزة، لأسباب أبرزها حالة الحصار والأوضاع الإنسانية المزرية في القطاع، وغياب أي أمل لدى الشارع الفلسطيني بانفراجة تعيد له شيئاً من الأمل.
التصعيد المفاجئ الذي قام به المسلحون الفلسطينيون مغامرة غير محسوبة النتائج، ومع ذلك فإنه يتعين على المجتمع الدولي إيجاد حل عادل لهذه المعضلة، بدلاً من الاصطفاف وراء طرف على حساب آخر وتشجيعه على الإمعان في القتل والتدمير ومحاولة التهجير، وعلى الاستمرار في سياسة العقاب الجماعي المنافي لجميع المواثيق الدولية وللقانون الدولي الإنساني، كما هو الحال مع استهداف الأحياء السكنية وتدمير العمارات والأبراج والمستشفيات وقتل النساء والأطفال بشكل عشوائي غير مسبوق.. بدافع الانتقام. إن الحصار وقطع الماء والكهرباء ومنع دخول الأدوية والأغذية والمحروقات وجميع أنواع المساعدات الإنسانية.. مخالف هو كذلك للقانون الدولي الإنساني. 
العواطف وحدها لا تكفي، لا في عالم السياسة ولا في عالم الحرب، ومعضلةٌ قاسية كهذه الجارية في غزة تتطلب عملا جاداً وصادقاً من أصحاب العقول والضمائر في القوى الدولية الكبرى ذات النفوذ والتأثير. على هذه القوى أن تتحرك سريعاً لوقف المحرقة المشتعلة في غزة، بغية إنقاذ السلام وإنقاذ العالقين تحت الركام وأكوام الخرسانة ممن انهالت على بيوتهم الصواريخ والقذائف. إنها مشاهد محزنة ومؤسفة للجميع، وهي مأساة أخرى يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره، والذي لم يعد له الكثير مما يخسره بعد 75 عاماً من الاحتلال! 

*كاتب سعودي