تتجه بنجلاديش إلى صناديق الاقتراع قبل نهاية يناير المقبل. وبينما تتجه البلاد نحو الانتخابات، تتعرض رئيسة الوزراء الشيخة حسينة لضغوط من الولايات المتحدة التي فرضت قيودا على التأشيرات، مما أدى إلى تعقيد العملية الانتخابية في الدولة الواقعة في جنوب آسيا. ومن خلال فرض قيود على التأشيرة، تمارس واشنطن ضغوطا على رئيسة الوزراء لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وقد أدى ذلك إلى زيادة التوتر بين بنجلاديش والغرب وزيادة حالة عدم اليقين في وقت تتجه فيه البلاد إلى الانتخابات. وقد فُرضت قيود التأشيرة على عدد غير محدد من البنجلاديشيين بسبب «تقويض عملية الانتخابات الديمقراطية».

وكان من بين المشمولين بقيود التأشيرة عدد من ضباط إنفاذ القانون وأعضاء الحزب الحاكم. وانضم حلفاء آخرون للولايات المتحدة أيضا، بما في ذلك المملكة المتحدة. وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وبنجلاديش توتراً منذ بعض الوقت. ولم يقم الرئيس بايدن بدعوة بنجلاديش لحضور «قمة الديمقراطيات التي نظمها في العامين الماضيين». وعندما زارت الشيخة حسينة واشنطن لحضور اجتماع للبنك الدولي في شهر مايو من هذا العام، لم تقابل رئيس الولايات المتحدة في إشارة إلى العلاقات المتوترة. والنتيجة هي أن أولئك الذين يعارضون الشيخة حسينة قد نشطوا عندما رأوا فرصتهم في هذه الضغوط الغربية.

ومن جانبها، انتقدت حكومة حسينة الدول الغربية بسبب تصرفاتها وخاصة سياسة التأشيرات ورفضت المخاوف الغربية ووصفتها بأنها دعاية زائفة.

واتهمت الشيخة حسينة نفسها الولايات المتحدة بالسعي لتغيير النظام في بلادها. واتهمت الولايات المتحدة بمحاولة القضاء على الديمقراطية في بلادها وتشكيل حكومة لن يتم اختيارها من خلال العملية الديمقراطية. هيمنت الشيخة حسينة على السياسة البنجلاديشية وقبلها من قبل رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء من الحزب القومي البنجلاديشي. ظلت خالدة ضياء مريضة لبعض الوقت، وقد تم رفض السماح لها مؤخرا بالسفر إلى الخارج لتلقي العلاج الطبي. وأدينت عام 2008 بالفساد وحكم عليها بالسجن 17 عاما بتهمة الفساد.

ورفضت الاتهامات باعتبارها سياسية وخضعت للإقامة الجبرية لأسباب صحية. وتم إدخالها إلى المستشفى هذا العام بسبب مجموعة من المشاكل الصحية بما في ذلك تليف الكبد المتقدم. وقدهيمنت هي والشيخة حسينة على مدى عقود على السياسة في بنجلاديش، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 170 مليون نسمة. كما أعلن حزب خالدة ضياء مقاطعة الانتخابات للضغط على الشيخة حسينة.

وفي حين أن هذه التطورات السياسية قد ألقت بظلالها على الانتخابات، إلا أن أداء بنجلاديش اقتصاديا جيد. إذ استفادت البلاد من صناعة الملابس لتبرز كلاعب عالمي كبير ونجحت البلاد في خفض مستويات الفقر بشكل كبير. وحققت معدل نمو سنوي بنسبة 8 بالمئة حتى ضربت جائحة كوفيد البلاد. لن تظل هذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا بعد الآن من بين البلدان الأقل نموا، وتهدف إلى أن تصبح دولة ذات دخل أعلى من المتوسط بحلول عام 2031. وتمكنت الدولة من التحول من كونها في حالة ميؤوس منها في أعقاب حرب التحرير في عام 1971 عندما كانت واحدة من أفقر البلدان في العالم. ولكن يبدو أن النمو السريع خلال العقد الماضي قد وضع البلاد بالفعل على طريق التنمية.

بيد أن الخطر يكمن في أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي إلى القضاء على كل هذه المكاسب. وقد شهدت بنجلاديش بالفعل بعض التوتر مثل العديد من البلدان الأخرى بسبب الحرب في أوكرانيا. ويتعرض نموها لضغوط بسبب عدد من العوامل بما في ذلك انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، وانخفاض التحويلات المالية، وارتفاع مستوى التضخم، وأزمة الطاقة الوشيكة. في الوقت الحالي، لا تزال الشيخة حسينة تتمتع بشعبية كبيرة، لكنها تواجه تحديات تتمثل في تزايد التضخم وتزايد نشاط المعارضة.

ووفقا لدراسة استقصائية وطنية أجراها المعهد «الجمهوري الدولي»، فإن المواطنين ليسوا سعداء بالاقتصاد. لكن سياسات الحكومة بشأن البنية التحتية والتنمية كان لها رد فعل إيجابي وتُرجم إلى دعم لرئيسة الوزراء. وفي الوقت نفسه، تتمتع الشيخة حسينة بعلاقات وثيقة مع الهند وعلاقات متنامية مع الصين. في الواقع، تتمتع الهند وبنجلاديش بعلاقات وثيقة للغاية والتي توصف حاليا بأنها فترة ذهبية، تعززها الصداقة الوثيقة بين الشيخة حسينة ونيودلهي. وقد ساعدت الشيخة حسينة الهند في قمع المتمردين الشماليين الشرقيين الذين نفذوا هجمات في شمال شرق الهند بينما كانوا يحتمون بالمناطق الحدودية في بنجلاديش.

كما تحركت أيضا لتحسين قنوات الاتصال بما في ذلك منح حقوق العبور، التي رفضها أسلافها، إلى الشمال الشرقي. ويُنظر إلى مجال التعاون الرئيسي الناشئ على أنه المشاركة الاقتصادية. ومن ثم فإن أي حالة من عدم الاستقرار في بنجلاديش لا بد أن تؤثر على جنوب آسيا والهند. وقد أكدت الشيخة حسينة، التي زارت المملكة المتحدة مؤخرا، التزامها بإجراء الانتخابات العامة المقبلة بطريقة حرة ونزيهة.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي