منذ قيام دولة الاتحاد عام 1971، على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودولة الإمارات تؤكد بشكل مستمر الخطورة المُحدقة بالعالم بسبب الانتشار المحتمل للأسلحة النووية، والأولوية التي يجب أن تحظى بها جهود الإزالة الكاملة لهذه الأسلحة، وضرورة الالتزام بالاتفاقات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها معاهدة «عدم انتشار الأسلحة النووية» التي تمثّل الركيزة الأهم نحو تحقيق هدف نزع السلاح النووي عالميّاً.

وربّما يكون «اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية» الذي يحتفل به العالم في 26 سبتمبر من كل عام، فرصة لاستعادة زخم النقاشات والتحركات حول هذه القضية المهمة لمستقبل الإنسانية.

وتحظى جهود الدولة في هذا المجال باحترام وتقدير عالميّين تتعدّد مظاهرهما، ومن بينها حصول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على جائزة «نزار باييف 2021 لعالم خالٍ من الأسلحة النووية والأمن العالمي»، وكان من بين حيثيات الحصول على هذه الجائزة أن سموه «قدَّم نموذجاً جديداً في صناعة السلام والأمان العالميّين ومكافحة الانتشار النووي»، وأسهم في «ضمان السلام والاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية المستدامة».

وحرصت دولة الإمارات على إبراز مواقفها الحاسمة بشأن الأسلحة النووية في كل الفعاليات واللقاءات الدولية الكبرى، كما ظهر في كلمة الدولة أمام الاجتماع الحالي للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقَتها معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، أول من أمس الأحد 24 سبتمبر 2023، ودعت فيها إلى «تضافر الجهود لمعالجة التطورات الخطيرة التي تضع الاستقرار العالمي على المحكّ، وعلى رأسها المساعي لتطوير أسلحة نووية، وتقويض منظومة عدم الانتشار»، كما نبَّهت إلى أنه «يجب عدم التهاون بتاتاً مع هذا النوع من التهديدات، أو التعايش مع إمكانية وصولنا لصراع نووي ستكون خسائره فادحة على الجميع».

كما يتجلّى موقف الدولة أيضاً في بيانها أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن نزع السلاح والأمن الدولي الذي عُقِد بتاريخ 10 أكتوبر 2022، وأكَّدت فيه الإمارات أن «السبيل الأنجح والأكثر فاعلية لتحقيق المزيد من التقدم في معالجة الجوانب كافة المتعلقة بمسائل نزع السلاح والأمن الدولي يتمثل في تكثيف العمل متعدّد الأطراف»، مشدِّدةً على خطورة السياق العالمي الذي يبرز فيه «تراجع التزامات الدول تجاه النظام العالمي لنزع السلاح وعدم الانتشار، بالتزامن مع تفاقم التحديات العالمية الأخرى، وفي مقدّمتها النزاعات القائمة، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة». من جهة أخرى، فإن دولة الإمارات تُقدّم من خلال برنامجها النووي نموذجاً لالتزام أقصى درجات المسؤولية والشفافية، وتقديم كل الضمانات التي تؤكد أن استخدام الطاقة النووية سوف يقتصر على الجانب السلمي الذي يدعم خطط التنمية.

ويمكن للاسترشاد بالنموذج الإماراتي الرائد أن يؤسَّس لنهج دولي يزيل الشكوك التي تكتنف البرامج النووية للعديد من دول المنطقة والعالم، ويخفّف من وطأة سباق امتلاك الأسلحة النووية الذي تشهده مناطق مختلفة من العالم، بما يترتّب عليه من تداعيات تهدِّد الأمن والاستقرار، وتَحرم الدول والشعوب من فرص حقيقية لتكريس جهودها من أجل التنمية والازدهار.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.