تحظى التجربة الإماراتية في مجال تطوير المنشآت الإصلاحية والعقابية بتقدير كبير، بالنظر لتميز هذه التجربة، حيث تعمل هذه المنشآت وفقًا لقواعد احترام حقوق الإنسان، من خلال تطبيق القواعد المثلى لمعاملة السجناء، ويتلقى نزلاء تلك المنشآت حقوقهم الكاملة في إعادة التأهيل، والرعاية الطبية، والتغذية، والاتصال بأُسرهم ومحاميهم، كما تخضع هذه المنشآت لزيارات عشوائية من إدارات حقوق الإنسان والمدعين العامين، تتضمن إجراءات تفقدية للسجون، وإجراء مقابلات خاصة مع السجناء.

وفي الواقع، فإن المنشآت الإصلاحية في دولة الإمارات هي مؤسسات لإعادة التأهيل، حيث توفر وزارة الداخلية برنامجًا لتأهيل السجناء من المواطنين الإماراتيين لسوق العمل، وهو متاح للسجناء الذين تبقّى لهم سنة أو سنتين من مدة الحكم الصادر بحقهم.

ويقدم البرنامجُ التدريبَ للسجناء، وفرص عمل عند قضائهم فترة العقوبة، كما يقوم «صندوق الفرج» التابع للوزارة بدور مهم في مساعدة المعسِرين ونزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية وأُسرهم الذين يجدون أنفسهم يصارعون متاعب الحياة في غياب المعيل الأساسي لهم.

وتعمل دولة الإمارات بشكل مستمر على تطوير أوضاع المنشآت الإصلاحية والعقابية على النحو الذي يرتقي بها إلى أفضل مستوى ممكن، وقد كان من أحدث هذه الجهود، إصدار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، قانونًا بشأن المنشآت العقابية والإصلاحية في إمارة أبوظبي، تُنقَل بموجبه اختصاصات إدارة هذه المنشآت ومؤسَّسات الأحداث في الإمارة، من القيادة العامة لشرطة أبوظبي إلى دائرة القضاء - أبوظبي. وسيعزز هذا القانون الذي يسري بدءًا من 01 يناير 2024، منظومة الإصلاح، وإعادة التأهيل في الإمارة.

وهناك العديد من التصريحات والتقارير التي تُشيد بالتجربة الإماراتية في مجال تطوير آليات عمل المنشآت الإصلاحية، وأحدث هذه التصريحات صدر عن معالي السيد عادل بن عبدالرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح أعمال المؤتمر التاسع للمسؤولين عن حقوق الإنسان في وزارات الداخلية العربية، الذي عُقد بالقاهرة مؤخرًا، حيث أشاد بهذه التجربة لإعادة تأهيل المحكوم عليهم، وفق برامج تديرها جهات متخصّصة.

وفي أغسطس الماضي (2023)، حصلت القيادة العامة لشرطة دبي مُمثَّلة في الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية بدبي، على شهادة الاعتماد الدولية من منظمة الإصلاح الأمريكية « ACA»، أكبر وأقدم مُنظمة عالمية تخصّ السجون تأسست عام 1870م، وذلك لاستيفائها المعايير الدولية كافة المُتعلقة بحقوق الإنسان في المؤسسات الإصلاحية بنسبة 100%، واجتيازها للتقييم باستحقاق، لينال سجن الرجال شهادة الاعتماد كخامس سجن على مستوى العالم، وأول سجن في منطقة الشرق الأوسط، في حين نال سجن النساء شهادة الاعتماد كأول سجن نسائي في العالم تُمنح له شهادة مُطابقة المعايير.

وتنسجم الجهود التي تبذلها دولة الإمارات لتطوير المنشآت الإصلاحية مع جهودها المتواصلة في مجال تعزيز حقوق الإنسان وترسيخها في المجالات كافة، وما يحظى به الإنسان من أولوية مطلَقة، ومكانة مركزية في فكر القيادة الرشيدة؛ باعتباره الهدف النهائي لعملية التنمية.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.