يعد بناء قوة جذب لأي تطبيق جديد لوسائل التواصل الاجتماعي أمراً صعباً، لكنه ليس بنفس صعوبة الحفاظ عليه. وبعد مرور شهر ونصف على إطلاقه الرائج، هذا هو التحدي الذي يواجه تطبيق «ثريدز» (أو خيوط)، الذي أطلقه مارك زوكربيرج لمنافسة «اكس» («تويتر» سابقاً) والقضاء عليه. حتى الآن لا يبدو أن الأمور تسير على ما يرام.

فقد انخفض عدد المستخدمين النشيطين لتطبيق ثريدز، الذي تم تنزيله حوالي 100 مليون مرة في الأيام القليلة الأولى من إطلاقه، بنسبة تتراوح بين 60 إلى 70%، وفقاً لشركة البرمجيات «سينسور تاور، ومقرها سان فرانسيسكو. والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» هو أن متوسط الوقت الذي يقضيه يومياً كل مشترك على التطبيق انخفض إلى 2.5 دقيقة فقط، مقارنةً بحوالي 30 دقيقة يومياً لإكس (تويتر سابقاً) وحوالي ساعة لإنستجرام.

قد يأتي تعزيز التطبيق الجديد في شكل تحديث رئيسي يتم طرحها هذا الأسبوع: واجهة سطح المكتب. وهذا يعني أنه يمكن للأشخاص النشر على «ثريدز» من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، وليس فقط من هواتفهم الذكية، وهو تحديث مهم بالنسبة لمن يطلق عليهم اسم «المستخدمين المتميزين» الذين ينشرون عدة مرات يومياً من مكاتبهم. على إكس، هذه المجموعة من الأشخاص المتصلين بالإنترنت هم المسؤولون عن الغالبية العظمى من المحتوى والمشاركة. لذا، فإن ثريدز بحاجة لهم. وللأسف، فإن إصدار سطح المكتب - الذي كنتُ أجرّبه - لن يفعل الكثير في شكله الحالي لإعادة تنشيط استخدام ثريدز. يمكن وصف الواجهة بأنها بسيطة، ويمكن أيضاً وصفها بأنها فارغة، فهي تفتقر إلى الوظائف الأساسية، مثل القدرة على اقتباس مشاركة مستخدم آخر أثناء إضافة تعليق خاص بك. وقال زوكربيرج إن تطوير ثريدز سيكون بطيئاً، وكان صادقاً في هذه. تؤدي إمكانية الوصول إلى ثريدز عبر أجهزة الكمبيوتر المكتبية إلى تحديد مربع واحد فقط في قائمة المهام الطويلة جداً. فما يزال تطبيق ثريدز يفتقر إلى بعض العناصر الأساسية التي يقدمها إكس. وعلى سبيل المثال، لا يمكنك استضافة مساحات صوتية مباشرة أو بث الفيديو.

ولا يوجد حتى الآن «هاشتاج» (رمز المربع #)، مما يجعل تتبع موضوعات محددة أو العثور على الأشخاص الذين تريد التعرف عليهم، وليس فقط أولئك الذين تعرفهم، أمراً صعباً. في الواقع، لا توجد وظيفة بحث على الإطلاق، ولا توجد موضوعات رائجة، لتمنحنا فكرةً عما يحدث على الصعيد العالمي.

قد تبدو هذه الانتقادات قاسية بالنسبة لمنصة جديدة تم إنشاؤها على عجل فيما ما يبدو، وربما تكون مستوحاة من الانتقادات الموجهة باستمرار لتطبيق تويتر. في تقييمه لإدارة إيلون ماسك منذ توليه رئاسة تويتر (اكس حالياً) وتغيير علامته التجارية، رأى آدم موسيري، المدير التنفيذي المسؤول عن تطبيقي انسجرام وثريدز، أنه من الحكمة اختبار التحديثات بعناية قبل نشرها للجمهور.

لقد تخلت شركة «ميتا» منذ فترة طويلة عن شعارها الشهير لصالح نهج حذر أكثر ملاءمة لشركة ضخمة تتعامل مع البيانات الشخصية لأكثر من ثلاثة مليارات مستخدم عبر جميع تطبيقاتها. لكن بينما أكد زوكربيرج وموسيري بشكل متكرر على حقيقة أن تطبيق ثريدز يتم إنشاؤه «من الصفر»، فإن مثل هذه التصريحات تبدو مخادعة إلى حد ما.

لقد تم إنشاء ثريدز على إنستجرام، وهي منصة تضم أكثر من ملياري مستخدم وتوفر مجموعة كبيرة وغنية من الصور ومقاطع الفيديو القصيرة الشبيهة بتلك التي يتم بثها على تطبيق «تيك توك» والبث المباشر. ويبدو أن الإحجام عن دمج المنصات خارج البنية التحتية التقنية هو خيار تجاري محسوب: لا تريد «ميتا» المخاطرة باستخدام جزء من إنستجرام لصالح منصة ثريدز الخالية من الإعلانات حتى الآن.

وفي حين أن المستثمرين يتحمسون لتطبيق ثريدز، حيث يتوقع البعض أن يحقق التطبيق إيرادات سنوية إضافية بقيمة 8 مليارات دولار في حالة تقديم الإعلانات، فإن هذه الآمال قد تتبخر عند أول علامة على أن مشاركة ثريدز يمكن أن تؤثر على إنستجرام الذي يدر أرباحاً هائلة. إن «تويتر الجديد» من شأنه أن يمنح زوكربيرج مصداقيةً هائلة في الشارع، لكن الأرباح صغيرة نسبياً بالمقارنة مع حجم إنستجرام الذي هو منصة تنمو بسرعة كبيرة، وقد أضافت قدراً كبيراً من التفاعل العام الماضي وحده، وفقا لشركة «سينسور تاور» لتحليل استخدام تطبيقات الهاتف المحمول.كل هذا يعني أن الأمر في أيدي شركة «ميتا».

على الرغم من أن ماسك قدم مغرياتٍ وافرةً لمستخدمي إكس كي يغادروه، إلا أن الأمر متروك الآن لميتا لصياغة تطبيق ثريدز بشكل مقنع، أو مضحك، أو حتى استفزازي بعض الشيء. وسيتطلب الأمر من «موسيري» إزالة الغبار عن الشعار القديم والبدء في البناء، حتى مع المخاطرة بتحطيم الأشياء.

يعد البرنامج التجريبي الأخير لمستخدمي ثريدز على أجهزة أندرويد، حيث يمكن اختبار الميزات الجديدة، خطوةً في الاتجاه الصحيح. ويجب على ميتا أن تترك منطقةَ الراحة الخاصة بها إذا أرادت التخلص من خطر اكتساب ثريدز سمعة باعتباره تطبيقاً مملاً لا يستحق اهتمام الناس. ويمكن لموسيري أن يتعلم درساً من ماسك، وألا يخاف من إجراء التجارب في العلن. يعد الاستخدام المستمر لإكس دليلاً على أن الأشخاص مستعدون للتغلب على جميع أنواع الأخطاء والعيوب إذا كان المجتمع يستحق ذلك.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن» *كاتب متخصص في قضايا التكنولوجيا