كان الوقت الأمثل للتخلي عن فكرة مباراة المصارعة بين إيلون ماسك ومارك زوكربيرج هو اللحظة التي تم اقتراحها لأول مرة. وثاني أفضل وقت هو الآن. ولحسن الحظ، فقد قرر زوكربيرج، الرجل الأكثر عقلانيةً بفارق طفيف، أن الحياة أقصر من أن تستمر في هذه المهزلة لفترة أطول.

وبرفض عرض ماسك الأخير الذي تمثل في مباراة «تدريبية» في حديقة زوكربيرج الخلفية، يحظى ماسك بفرصة لحفظ ماء الوجه أمام معجبيه المحبين. ونأمل أن يأخذ العبرة من الأمر. وقد كتب زوكربيرج على «ثريدز»، يوم الأحد الماضي 13 أغسطس الجاري: «أعتقد أنه يمكننا أن نتفق جميعاً على أن إيلون ليس جاداً، وقد حان الوقت للمضي قدماً».

وأضاف: «إذا كان إيلون جاداً بشأن موعد حقيقي وحدث رسمي، فهو يعرف كيف يصل إلي». وجاءت التدوينة التي نشرها الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا بلاتفورمز» بعد أسبوع أو نحو ذلك، حاول فيه ماسك، بطريقة لا تختلف عن محاولاته المرتبكة لتجنب شراء «تويتر»، أن يشق طريقَه وسط فوضى أخرى كان يغرد فيها عن نفسه في وقت متأخر من الليل.

لقد بدأ بالإعلان عن تفاصيل المباراة التي قال زوكربيرج إنه لم تتم استشارته بشأنها، مثل خطط عقدها في مكان «ملحمي» من إيطاليا (لكن ليس روما). ثم قال ماسك إنه سيغيب «لشهور» بسبب إصابة كشفها التصوير بالرنين المغناطيسي. وأخيراً، وفقاً للنصوص التي نشرها كاتب سيرته الذاتية على موقع إكس (المعروف سابقاً باسم تويتر)، اقترح ماسك أن يلتقي الرئيسان التنفيذيان يوم الاثنين 14 أغسطس في منزل زوكربيرج، لمشاجرة في الفناء الخلفي لمنزله.

ومن الواضح أن هذا لن يحدث لأن زوكربيرج يبلغ من العمر 39 عاماً، وليس صبياً في سن المراهقة. لكن رفض زوكربيرج للعرض يعطي ماسك ما كان يتوق إليه، وهي فرصة ليروج أمام مؤيديه أن زوكربيرج هو الذي تراجع وأن إيلون هو الفائز!

ولا يضر زوكربيرج أن يمنح عشاقَ ماسك فرصةً للاعتقاد بأن بطلهم قد فاز، لكن الأكثر تعقلاً يعرفون أنه لا داعي لاستمرار هذه التصرفات الصبيانية، وأنها قد طالت بما يكفي لجعل الرجلين خاسرين في النهاية، وقد بلغت الخسارة المجتمعة 334 مليار دولار، حتى يوم الأحد، وهناك أشياء أخرى كثيرة كان يجب أن يوجهوا انتباههما إليها.

فميتا تشهد عاماً قوياً، لكن سمعة زوكربيرج ما زالت معلقة على نجاح رؤيته المتعثرة لميتافيرس، والتي لم تحقق الكثيرَ حتى الآن بعد أن أصبحت في الآونة الأخيرة محلاً للتندر. وماسك في خضم إعادة تسمية فوضوية من تويتر إلى إكس، وصل بالموقع إلى مستوى القاع! وقد يرغب الرئيسان التنفيذيان أيضاً في قراءة صفحة من كتاب جيف بيزوس.

فقد استغل مؤسس شركة أمازون وشريكته لورين سانشيز عطلة نهاية الأسبوع لتأسيس صندوق بقيمة 100 مليون دولار لدعم التجمعات السكانية المتضررة من حرائق الغابات المدمرة في ماوي. ولا شك في أن أنصار ماسك سيرسمون هذه الملحمة المحرجة على أنها نوع من الاستراتيجية العبقرية للترويج لموقع إكس المتعثر.

لكنهم يضحكون على أنفسهم. والسبب الوحيد لحدوث أي من هذا هو أن ماسك الذي تزداد تصرفاته غرابةً يشعر فيها يبدو بالوحدة والضجر. وهو يتوق بشدة لأن يبقى في محور الاهتمام. ومن الواضح أن زوكربيرج الذي كان يستمتع بتغيير صورته العامة، لم يستطع مقاومةَ الرغبة في اللعب مع ماسك، لكن وقت النضج لكلا الرجلين قد حان بالفعل.

ينشر بترتيب خاص مع «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»

*صحفي متخصص في شؤون التكنولوجيا