ماذا يعني التحول إلى «الأخضر» في الواقع؟ بالنسبة لصناعة الشحن العالمية، ربما يكون هذا سؤالاً محفوفاً بالمخاطر. قبل ثلاث سنوات ونصف، خضع الشحن - الذي يحمل أكثر من 80% من التجارة العالمية - لتغيير هائل: تم حظر الوقود البحري غير النظيف الرخيص الذي كان يُعتمد عليه لفترة طويلة، وظهرت البدائل الأقل تلويثاً للسوق. ستعمل القاعدة الجديدة على خفض انبعاثات الكبريت من السفن، والحد من الأمطار الحمضية ومنع مئات الآلاف من الوفيات المبكرة نتيجة لأن الهواء أصبح أكثر نقاءً.

ومع ذلك، فقد ربط بعض العلماء هذا التنظيم نفسه بارتفاع درجات حرارة المحيطات، والتي يمكن أن تقتل الحياة البحرية في النهاية، وتساعد في إذابة الجليد البحري وتؤدي إلى أعاصير أقوى. لكن تحديد السبب والنتيجة وقياسهما ليس بالأمر السهل دائما عندما يتعلق الأمر بالمناخ. هناك الكثير من العوامل التي يمكن أن تؤثر على درجة حرارة المحيط.

الشحن ليس العنصر الوحيد في إثارة الجدل حول الإجراءات التي من المفترض أن تساعد الكوكب. لطالما كان تدمير الموائل الطبيعية - أو استبدال المحاصيل الغذائية - لزراعة المواد الأولية للوقود الحيوي أمراً مثيراً للجدل، كما هو الحال مع تعويضات الكربون المشكوك فيها للغاية لانبعاثات الشركات. في حالة النقل البحري، فإن انبعاثات الكبريت في الصناعة - بينما تسبب مشاكل صحية وبيئية - لها أيضاً تأثير التبريد على المناخ: كلاهما يعكسان ضوء الشمس ويزيدان من تكوين السحب العاكسة.

كانت هذه المفاهيم معروفة قبل أن تدخل التنظيم حيز التنفيذ. خفضت قاعدة الحد من التلوث في النقل البحري محتوى الكبريت المسموح به للوقود البحري من 3.5% إلى 0.5% (ما لم تكن السفينة قد قامت بتثبيت وحدة تنظيف خاصة على ظهرها، تُعرف باسم جهاز تنقية الغاز). قد يُترجم هذا إلى انخفاض إجمالي بنسبة 77% في انبعاثات أكسيد الكبريت من السفن. بدءاً من 1 يناير 2020، كان من المتوقع تجنب أكثر من نصف مليون حالة وفاة مبكرة بحلول عام 2025 بسبب سرطان الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية وحدها. كما أنه سيساعد في منع هطول الأمطار الحمضية وتحمض المحيطات، مما يفيد المحاصيل والغابات والأنواع المائية. تم تبني القاعدة من قبل المنظم العالمي للشحن البحري، وهي المنظمة البحرية الدولية، التي تضم حالياً في عضويتها 175 دولة. ولدى سؤاله عن مدى التفكير في ارتفاع درجة حرارة المحيطات، قال متحدث باسم المنظمة الأسبوع الماضي: إن التركيز كان «على الفوائد الصحية».

ومن المحتمل أن تضيف القاعدة التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية عام 2020، والتي أصبحت معروفة باسم IMO 2020، حوالي 0.2 درجة مئوية إلى منطقة شمال المحيط الأطلسي، وبهذا ربما تكون قد ساهمت في ارتفاع درجات حرارة بشكل قياسي، بحسب ما ذكر «روبرت رودي»، كبير العلماء في مؤسسة بيركلي إيرث غير الربحية. كما أشار «توماس سميث»، العالم في كلية لندن للاقتصاد، إلى تأثير القاعدة، حيث قال في رسالة بالبريد الإلكتروني إن «بعض» الاحترار كان نتيجة حتمية.

لم يقتصر الدفء الاستثنائي هذا العام على شمال الأطلسي. فقد ضربت موجات الحر البحرية البحر الأبيض المتوسط هذا الصيف. وبشكل عام، وصل متوسط درجة حرارة سطح البحر العالمي - المحدد على أنه المحيط العالمي خارج القطب، من 60 درجة جنوباً إلى 60 درجة شمالا - إلى مستوى قياسي بلغ 20.96 درجة مئوية في 31 يوليو.

كما أن تقدير تأثير انبعاثات السفن على درجات الحرارة في المحيط الأطلسي كان معقداً أيضاً بسبب قلة الغبار الصحراوي بالإضافة إلى آثار ما بعد «حرائق الغابات الكندية الهائلة»، وفقاً لتقرير صدر في أغسطس من مرصد كوبرنيكوس للمناخ التابع للاتحاد الأوروبي. وقال ريتشارد إنجيلين، نائب مدير خدمة مراقبة الغلاف الجوي في كوبرنيكوس: «ستكون هناك، بلا شك، تأثيرات طويلة المدى من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت المخفضة. لكن هذا سيتطلب بحثاً مخصصاً لفهم تأثير تغيرات الكبريت. فالتغييرات في الغبار أو الكربون الأسود لها تأثير ملموس أكثر على المدى القصير». بشكل عام، امتص المحيط العالمي 90% من الاحتباس الحراري الذي حدث في العقود الأخيرة نتيجة لزيادة غازات الاحتباس الحراري.

والشحن البحري مسؤول عن جزء كبير من تلك الانبعاثات، حيث ضخ أكثر من مليار طن من الانبعاثات في عام 2018. في الشهر الماضي، حددت المنظمة البحرية الدولية أهدافاً جديدة للتخفيض، بما في ذلك الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية لغازات الاحتباس الحراري «بحلول عام 2050 أو بالقرب منه». كما تعمل أيضاً على وضع قواعد لتغيير سلوك الشاحنين. في غضون ذلك، يدرج الاتحاد الأوروبي الشحن في مخطط تداول الانبعاثات الذي يبدأ العام المقبل. القاعدة الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية لعام ليست الجزء «الأخضر» الوحيد من صناعة الشحن الذي أثار الجدل.

تعمل بعض السفن الآن بالغاز الطبيعي المسال. في حين أن هذا لا يطلق كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون، فإنه ينبعث منه أيضاً غاز الميثان، وهو مساهم رئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري. في نهاية المطاف، في حين أن الشحن يتجه ببطء نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية، من المحتمل ألا تركز النقاشات المستقبلية حول عمل المنظمة البحرية الدولية وغيرها على ما إذا كانت القاعدة الجديدة تعتبر «خضراء» حقاً. من المرجح أن يكون السؤال: هل هي «خضراء» بدرجة كافية؟

جاك ويتلز*

*صحفي أميركي متخصص في أسواق النفط.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»