نستلهم من منظور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في قوله: «نحن في دولة الإمارات نؤمن إيماناً راسخاً بأن العمل الجماعي الدولي وبناء جسور التعاون بين مختلف دول العالم هو السبيل لمواجهة التحديات العالمية المشتركة وللارتقاء بالإنسان وضمان مستقبل مزدهر للأجيال المقبلة».
وفي إطار العمل الجماعي، نستحضر ما أكده البيانُ المشترك لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى بجدة، حول أهمية تعزيز العلاقات السياسية والاستراتيجية بين الجانبين على المستويين الجماعي والثنائي، واستمرار التنسيق السياسي بما يحقق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ومواجهة التحديات، والعمل على ضمان مرونة سلاسل الإمداد، والنقل والاتصال، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن المائي، وبناء علاقات التعاون في تطوير مصادر وتقنيات الطاقة الخضراء والمتجددة، وإيجاد فرص الأعمال التجارية ودعم فرص الاستثمار، وزيادة التبادل التجاري. وأشاد البيان الختامي للقمة بالتنوع الثقافي والانفتاح والتاريخ الثري لدول مجلس التعاون وآسيا الوسطى، وأكد على أن التسامح والتعايش السِّلمي من أهم القيم والمبادئ الناظمة للعلاقات بين الأمم والمجتمعات. كما أكد البيان على أهمية تعزيز الحوار الاستراتيجي والسياسي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى، وتعزيز هذا الحوار التشاركي ودفعه نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات، بما في ذلك الحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وفقًا لخطة العمل المشتركة المتفق عليها للفترة (2023 -2027).
واستعرض البيانُ القضايا الإقليمية والدولية التي تمّت مناقشتُها من قِبل القادة، حيث توافقت الرؤى حول أهمية تضافر كافة الجهود لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم، وأولوية استتباب السِّلم والأمن الدوليين، من خلال الاحترام المتبادل والتعاون بين الدول لتحقيق التنمية والتقدم، ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
إن هذا اللقاء على مستوى القادة مهم جداً، إذ يؤسس لمرحلة تنموية بين المنطقتين، وله أبعاد جيوسياسية وجيواستراتيجية تمهد الطريق أمام تكتل اقتصادي يدعم القضايا السياسية المشتركة.
ومن خلال تعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى، تبرز دولة الإمارات التي عززت علاقاتها في السنوات الأخيرة مع دول آسيا الوسطى، لا سيما كازخستان وأوزبكستان ذاتي الوزن المهم في منطقة آسيا الوسطى.
مع انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 واستقلال دول آسيا الوسطى، بدأ التنافس بين بعض القوى الإقليمية والقوى العظمى في المنطقة، بهدف كسب نفوذ سياسي والوصول إلى الموارد الطبيعية في هذا الجزء من العالم. ويشمل التنافس دولاً مثل روسيا والصين وتركيا والولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية أيضاً.
وفي السنوات الأخيرة، استثمرت الإمارات بشكل كبير في تطوير البنية التحتية للطاقة في آسيا الوسطى، بما في ذلك استخراج النفط والغاز وإنتاج الكهرباء، خاصة في كازاخستان وأوزبكستان.
وتلعب شركة دبي العالمية للنقل، ومقرها دبي، دوراً رئيساً في مشروع بناء ميناء في كازاخستان على شواطئ بحر قزوين وفي إنشاء منطقة للتجارة الحرة تسمى «خارغاس». كما استثمرت شركة «دراجون أويل»، ومقرها دبي أيضاً، في بناء خزانات النفط واستخراج النفط والغاز في تلك المناطق.

*سفير سابق