منذ تأسيسها عام 1971، قدَّمت دولة الإمارات العربية المتحدة تجربة مميزة في العمل البرلماني، من خلال «المجلس الوطني الاتحادي»، اتسمت بالعمق والنزاهة والمسؤولية السياسية والمجتمعية، بفضل توجيهات القيادة الرشيدة التي أكَّدت دائماً على الدور المحوري للسلطة التشريعية في نهضة الدولة وتطورها.

وتتجسد هذه المعاني في قول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في افتتاح الفصل التشريعي الأول للمجلس، مخاطباً أعضاءه: «إن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها وبوطنها وبتراثها تتطلع إليكم واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية».

وكانت التشريعات التي تحكم اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي قادرة على التطور الذي يواكب المستجدات السياسية والمجتمعية في المنطقة والعالم، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والتقاليد المجتمعية التي تمثل أساساً صلباً للنجاح في تحقيق الأهداف المطلوبة.

ففي عام 2005، تغيرت آلية اختيار الأعضاء لتضمن المشاركة الشعبية، من خلال انتخاب نصف أعضاء المجلس، وذلك عبر «هيئات انتخابية» تمثل مواطني الدولة. وقد زاد عدد أعضاء «الهيئات الانتخابية» باطراد، ليصل إلى 337738 ناخباً وناخبة، وفقاً للقوائم التي اعتمدتها «اللجنة الوطنية للانتخابات» السبت الماضي، 8 يوليو 2023، استعداداً لانتخابات المجلس التي سيشهدها العام الحالي.

 

وتعكس تركيبة «الهيئات الانتخابية» وعدد أعضائها جُملة من الحقائق، أولاها، التوجه الثابت نحو توسيع المشاركة السياسية، فقد زاد عدد أعضاء «الهيئات الانتخابية» بنسبة 18.1% قياساً إلى انتخابات عام 2019، كما تمثل النساء 51% في القوائم، في تأكيد على أهمية المشاركة السياسية للمرأة الإماراتية والأولوية التي تحظى بها.

وإلى جانب ذلك، يستحوذ الشباب من سن 21 إلى 40 عاماً على 55% من القوائم، استجابة للواقع الديمغرافي الذي يتضمن نسبة عالية من مواطني الدولة في عمر الشباب، ورغبة في منح دور أكبر للشباب في تعزيز المشاركة السياسية، والإسهام في تشكيل «المجلس الوطني الاتحادي»، وفقاً لرؤية شابة يمتلك أصحابها وعياً بطبيعة التغيرات العالمية المتسارعة، وطموحاً نحو بناء المستقبل الأفضل.

ويمثل اعتماد قوائم «الهيئات الانتخابية» خطوة واعدة نحو انتخابات المجلس التي تمتلك كل مقومات النجاح، استناداً إلى ما اتسمت به الدورات الانتخابية السابقة من انضباط واحترام كاملين، وممارسات مسؤولة من جانب المرشحين والناخبين، وغياب التجاوزات التي ترتبط بالعملية الانتخابية عادة في كثير من بلدان العالم.

ويعود ما سبق إلى الرعاية الكاملة والمتابعة الحثيثة من جانب القيادة الرشيدة، والروح الوطنية التي يتصرف الجميع انطلاقاً منها، وتغلغل ثقافة المنافسة الشريفة على خدمة الوطن، والالتزام المجتمعي الطوعي الراسخ بالقوانين والتشريعات، وكذلك إلى التنظيم المُحكم للعملية الانتخابية من جانب «اللجنة الوطنية للانتخابات»، والاستفادة من البنية التكنولوجية القوية والمتطورة في إجرائها بسلاسة ويسر، وهو ما يبشر بعملية انتخابية تحظى باحترام العالم وتقديره.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.