وسط تحديات وتطلعات لتحقيق نتائج مهمة على مستويات عدة، والرغبة الجادة في بلورة رؤية عربية جماعية تستفيد من أخطاء السنوات الماضية وتعيد صياغة آليات العمل العربي المشترك في ظل التحديات الإقليمية والدولية المستجدة، اختتمت في جدة أعمالُ القمة العربية الـ32 بإعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان موافقة المشاركين على البيان الختامي للقمة، واعتماد قرارات القمة واستضافة البحرين القمة المقبلة.

وأكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، عقب حضوره أعمال القمة، دعمَ دولة الإمارات ومساندتها كل خطوة تعزز التوافق والاستقرار والسلام في المنطقة، قائلاً: «علينا البناء على هذه الإيجابية وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك، وبناء الشراكات الاقتصادية والتنموية المستدامة التي ستقودنا بإذن الله تعالى إلى تنمية شعوبنا ورخائها وتحسين مستوى جودة حياتها وفتح أبواب الأمل أمام أجيالنا في مستقبل أفضل». وُصفت قمةُ جدة إعلامياً بأنها قمة تصفير الأزمات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لتحقيق استقرار المنطقة وللعمل الجمعي للوصول إلى تسويات شاملة، بالتوازي مع الاتفاق السعودي الإيراني، وما رافقه من عمليات تهدئة في المنطقة. وشهدت القمةُ عودةَ سوريا لمقعدها الذي ظل شاغراً منذ عام 2011، بعد تعليق عضويتها في الجامعة على خلفية الاضطرابات التي شهدتها البلاد. وكانت دولة الإمارات سبّاقةً في إعادة العلاقات مع دمشق، حيث بادرت في عام 2018 إلى إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية، وسارت السعودية في الاتجاه نفسه مطلع مايو 2023. وعلى مستوى مؤسسات الجامعة ظهرت بوادر التقارب والانفتاح في قمة الجزائر 2022 وتوجت تلك الجهود بإعادة دمج سوريا في مؤسسات الجامعة. وانعقدت القمة في ظل استمرار التحديات القديمة، وبروز تحديات جديدة عربية وإقليمية ودولية تواجه الدول العربية ومظلتها الرسمية جامعة الدول العربية، حيث اعتمد مجلس الجامعة في ختام أعمال القمة «إعلان جدة» الذي تضمن 12 بنداً اشتملت على أهم الملفات القديمة والمستجدة على الساحة العربية، إذ أكد الإعلان على مركزية القضية الفلسطينية وعلى المبادرة العربية كسبيل لحلها.

أما بالنسبة للملف السوري فأكد البيان على الدعوة لتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها، وعودة اللاجئين السوريين والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سوريا. وبالنسبة لملف الأزمة السودانية، فأعلن البيان رفضه التدخل الخارجي في الشأن السوداني ودعمَ الحوار الذي تقوده السعودية كخطوة لإنهاء الأزمة. وكان الملف الليبي حاضراً، حيث دعم البيانُ حلَّ الأزمة الليبية في الإطار الليبي، ودعم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية والتأكيد على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة. أما بالنسبة للملف اليمني، فأكد البيانُ دعمَ الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.

وبالنسبة للبنان، دعا البيانُ لانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومة في أسرع وقت. كما رحب إعلان جدة بالاتفاق السعودي الإيراني لتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بينهما، وأكد على وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية وعلى احترام قيم وثقافات الآخرين واحترام سيادة واستقلالها وسلامة أراضيها.

ورفض البيان دعم تشكيل الجماعات والمليشيات المسلحة. كما أكد دعم استدامة سلاسل إمدادات السلع الغذائية الأساسية للدول العربية. لقد أسست قمة جدة لملامح نظام عربي جديد قائم على المصالح الاقتصادية والتعاون الأمني والسياسي.. نظام يسعى لحل المشكلات العالقة داخل البيت العربي.

*كاتبة إماراتية