ما فتئت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها في عام 1972 على يد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهي تراكم الإنجازات والنجاحات وتتقدم بخطوات عراض نحو القمة.

وفي تقرير عالمي حديث ومهم جداً، نجد أن دولة الإمارات تحتل الصدارة عربياً بتصنيفها ضمن أفضل 20 حكومة رشيدة على مستوى العالم، وذلك في التقرير السنوي الثالث لمؤشر «تشاندلر للحكومات الرشيدة» («CGGI») الذي يصدره معهد تشاندلر للحوكمة، والذي أفاد في نسخته لهذا العام بأن الإمارات تقدمت أربعة مراكز عن موقعها على المؤشر في العام الماضي، واحتلت المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وقدم التقرير في نسخته لسنة 2023 لمحةً مثيرة للاهتمام حول طرق أداء الحكومات في أوقات الأزمات، عبر الإمعان في قدرات 104 دول في العالم، لتكون الأرقام ذات دلالة تحليلية حول مفهوم القيادة الرشيدة، خاصة فيما يتعلق بقدرات البلدان واستعداداتها وإدارتها للأزمات والكوارث.وكما بيّن التقرير فقد حجزت دولة الإمارات لنفسها مكانةً في المقدمة ضمن أفضل 20 دولة في المؤشر، وذلك بفضل الخطط المحكمة والبرامج الناجحة والرؤى طويلة المدى التي اعتمدتها وطبقتها وحصدت ثمارها الطيبة في جميع المجالات التنموية.

ويبين التقرير بشكل مفصل القفزات التنموية التي حققتها الدولة، على نحو سريع وبشكل متواصل وناجح، بفضل اعتماد أدائها القوي على ركيزتين أساسيتين: قوة المؤسسات، والقدرة على استشراف المستقبل. وهذا علاوة على ما تملكه دولة الإمارات من قدرات متميزة على إدارة الطوارئ وتسيير الأزمات. كما تتميز الإمارات بجودة الخدمات العامة وبدرجة رضا عالية عن هذه الخدمات ومستوى أدائها النوعي، ما جعل الدولة تحتل المرتبةَ الخامسة عالمياً والأولى إقليمياً في هذا المجال، كما احتلت المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر القدرة على التكيف والتنفيذ وفي دقة العمل وسرعة الإنجاز، وكذلك في مؤشرات التنسيق والابتكار وتحديد الأولويات الاستراتيجية.

وكل هذا يندرج ضمن القدرات الأساسية للحكومات على تحقيق نتائج وطنية جيدة. ويتمتع مؤشر «تشاندلر للحكومات الرشيدة» («CGGI») بمصداقية دولية وبموثوقية عالية في تقيماته لقدرات الحكومات على الإدارة والاستجابة للأزمات. وهو يستند في تقييماته إلى 4 مبادئ يمكن للحكومات القيام بها تحسباً وتأهباً لأكثر التحديات إلحاحاً ولمواجهة الأزمات قصيرة وطويلة الأجل: تعزيز القدرة على تحديد الأخطار والاستبصار، وإعادة تحديد وتقييم الأخطار واستشعارها مستقبلياً، والاستثمار في الاستعداد للأخطار متعددة النطاقات، وتقوية التأهب والاستجابة المشتركة بين الدول. ووفقاً للتقرير فإن الدول ذات الحكم الرشيد والجيد تمتلك المقومات الكافية لجذب المواهب ورؤوس الأموال، وعادة ما تكون قِبلة لـ«العقول المهاجرة» وللاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وبفضل سياساتها العقلانية ورؤاها الحكيمة، فقد أصبحت دولة الإمارات، إلى جانب سنغافورة، من أكثر الدول جذباً للمواهب التقنية، مما أسهم في زيادة تدفقات رؤوس الأموال ذات الصلة. ويبحث تقرير CGGI لهذا العام في طريقة أداء الحكومات الرشيدة، ويقدم الدروسَ المستفادةَ من سياساتها، وذلك عبر الحديث مع خبراء محليين من هذه الدول، وقد أظهر ما تتمتع به دولة الإمارات من عقول نيرة ومتفتحة، تعمل على تطوير المهارات وجذب المواهب وتدريبها وتأهيلها، في مناخ محفز على العمل والنشاط والإبداع.

*كاتب سعودي