تجمع بين الهند وبوتان علاقات وثيقة للغاية ازدادت متانةً خلال الزيارة التي قام بها إلى نيودلهي هذا الأسبوع عاهل بوتان جيغمي وانجتشوك، والتي دامت ثلاثة أيام. خلال هذه الزيارة، سعى البلدان إلى إيجاد سبلٍ لتعميق علاقاتهما أكثر في قطاعات متنوعة، من التعليم إلى الطاقة. ويمكن وصف هذه العلاقة بين البلدين بأنها «نموذجية»، وتتميز بالثقة وحسن النوايا والتفاهم المتبادل. وقد ناقش رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع ضيفه كل مجالات وجوانب العلاقات الثنائية، والتي شملت المفاوضات الحدودية بين الصين وبوتان، مع تركيز على التعاون في مجال التنمية. وضمن التفاتة خاصة أقام رئيس الوزراء مودي مأدبةَ غداء على شرف الملك في إقامته. وكان ذلك تعبيراً عن مدى تقدير الهند وتثمينها للعلاقة الوثيقة مع المملكة المجاورة الواقعة في الهيمالايا.
في جنوب آسيا، تمثّل بوتان قصة نجاح أخرى بخصوص النمو الاقتصادي، إذ تستعد للخروج من قائمة البلدان الأقل تطوراً خلال العام الجاري. وهي تخطط للتحول إلى بلد ناهض في غضون عشر سنوات المقبلة. ومن جانبها، تقدّم الهندُ مساعداتٍ لبوتان عبر عدد من الشراكات بين البلدين تشمل مجالَ التنمية الاجتماعية الاقتصادية منذ أوائل الستينيات. 
وخلال الزيارة الأخيرة للملك، وافقت الهندُ على طلبه بزيادة رسوم الطاقة الخاصة بمشروع تشوخا للطاقة الكهرومائية، كما وافقت على مناقشة شراء الطاقة من مشروع باسوشو للطاقة الكهرومائية الذي أنشئ بدعم نمساوي في عام 2008. ويُعد تطوير الطاقة المائية مجالاً مهماً للتعاون بالنسبة لبوتان، بل يقع في صلب خططه التنموية. وتنظّم التعاونَ في مجال الطاقة الكهرومائية بين البلدين اتفاقيةُ التعاون الثنائية لعام 2006 والبروتوكول الملحَق بها الموقَّع عام 2009. وتشتري الهندُ الطاقةَ من أربعة مشاريع للطاقة الكهرومائية يصل إجمالي إنتاجها إلى 2136 ميغاوات في بوتان. كما يوجد تنسيق وتعاون بشأن مشاريع أخرى للبنية التحتية. وإلى ذلك، تدرس الهندُ تسريعَ العمل على مقترح مشروع للربط بالسكك الحديدية. وسيربط الخط السككي البالغ طوله 57 كيلومتراً كوكراجهار في الهند بمنطقة جيليبهو في بوتان. كما تعمل بوتان على بناء مطارها الدولي الثاني. ولذا من المتوقع أن تتواصل الشراكات متعددة المستويات بين البلدين. 
الزيارةُ أتت بعد أن قال رئيس وزراء بوتان، تشيرينغ، في مقابلة مع صحيفة «لا ليبر» البلجيكية إن بوتان والصين «أصبحتا تفهمان بعضهما بعضاً»، وإنهما باتتا قريبتين من تسوية نزاعاتهما الحدودية. ويذكر هنا أن بوتان والصين لديهما مشكلة حدودية في منطقة تعرف بنقطة التقاطع الثلاثية في بقعة تدعى «باتانغ لا». ويقع وادي تشامبي الصيني إلى الشمال من «باتانغ لا»، وتقع بوتان إلى الجنوب والشرق منها، والهند إلى الغرب. وقبل نحو ست سنوات، علقت الهندُ في نزاع حدودي في دوكلام، وهي منطقة تطالب بها كل من بوتان والصين، إذ أيدت الهند موقفَ بوتان على اعتبار أن المنطقة قريبة استراتيجياً من ممر سيليجوري الهندي، وهو شريط ضيق من الأرض يربط شمال شرق البلاد وبرها الرئيسي. المشكلة حُلت من خلال الدبلوماسية بين الهند والصين. لكن الصين تريد نقل نقطة الالتقاء الثلاثية 7 كيلومترات تقريباً جنوب «باتانغ لا» إلى جبل يدعى غيبموشي. وهذا سيعني أن هضبة دوكلام ستصبح جزءاً من الصين، وهو ما تخشاه الهند. وفي عام 2017، دخل جنود هنود وصينيون في مواجهات دامت أكثر من شهرين بعد أن دخل جنود هنود إلى هضبة دوكلام لأن الصين كانت تشق طريقاً في اتجاه جبل غيبموشي. 
ولدى بوتان علاقاتٌ وثيقةٌ مع الهند، لكنها تحافظ على علاقات ودية مع الصين. والواقع أن بوتان ليست لديها علاقات دبلوماسية مع بكين، رغم أنه كانت هناك نقاشات داخلية حول إقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين. وحتى عام 2007، كانت الهندُ تشرف على علاقات بوتان مع البلدان الأخرى. غير أن كل ذلك تغيّر بعد أن عدّل البلدان اتفاقيةَ الصداقة التي تربط بينهما، مما منح بوتان حريةً تامة في إقامة علاقات مع بلدان أخرى. ومنذ ذلك الحين والبلد يخشى العلوق في الخلافات الهندية الصينية. 
وتظل الهندُ داعماً قوياً للدولة الواقعة في الهيمالايا وسط حوار منتظم بين زعامتي البلدين. وتوصف هذه العلاقة بأنها علاقة ثنائية متينة، تتميز بأكبر قدر من الثقة والنوايا الحسنة والتفاهم المتبادل. كما يعزى الدعمُ الهندي لبوتان بخصوص دوكلام إلى تخوفات الهند الأمنية، على اعتبار أن المنطقة قريبة على نحو استراتيجي من ممر سيليجوري الهندي الذي يربط شمال شرق الهند بالبر الرئيسي. ولئن كانت المشكلة قد حُلت من خلال الدبلوماسية بين الهند والصين، فإن الكيفية التي سيُحل بها نزاع دوكلام في نهاية المطاف سيكون لها تأثير على الهند. وإذا كان من غير الواضح كيف سيتم ذلك، فمما لا شك فيه أن العلاقات بين الهند وبوتان ستظل وثيقة.