بالأمس عاشت الإمارات إحدى أبرز مراحل بنائها وتطورها وريادتها، حيث مثلت المراسيم الأميرية التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بدايةً لمرحلة رئيسية في بناء وتنظيم الدولة وازدهارها، وتعزيزاً لمكانتها وتنافسيتها العالمية، واستجابةً لمتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية، مرحلة تنطلق الإمارات خلالها من مرحلة نهج القادة الذي سارت عليه وفق إرث الآباء والأجداد، إلى مرحلة الريادة العالمية التي يتطلع لها قادتُها، متسلحين بالإرث الذي حمله الآباء المؤسسون لجيل التمكين والريادة الذي حمل راية المسيرة واستكمل مراحل البناء والتأسيس.
قبل أكثر من خمسين عاماً حمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، مسؤوليةَ التأسيس والبناء لدولة فتية تتطلع للعالمية، وعملوا على وضع دولة الإمارات ضمن الخارطة العالمية كدولة محورية في محيطها الإقليمي والدولي، فكان المواطن الإماراتي محورَ البناء وعموده، وهدف التنمية وغايتها.. وخلال خمسة عقود من العمل والبناء في مختلف مجالات التنمية والتطوير، حققت الإمارات الريادة العالمية، وأصبحت في صدارة الدول وفق المؤشرات الدولية المعنية بالتنمية والتقدم والازدهار.
خمسون عاماً مرّت على الدولة لتنطلق بعدها في مرحلة أخرى من مراحل بنائها وتطورها وريادتها، خمسون عاماً حددت الدولةُ خلالها الأهداف والغايات الرئيسية المتوخاة، وتم تحديث بناء الدولة واستحداث هياكلها المؤسساتية والتنظيمية والقانونية والتشريعية، بما يجعل الإمارات من أكثر الدول مرونةً في مواجهة التحديات والتغلب عليها، ويعزز من قدرتها على استشراف المستقبل وفق آليات حديثة تمكن الدولة من تحقيق السبق والريادة في إطار اعتماد مسرِّعات مناسبة، واستراتيجيات وطنية، وعلى أيدي قيادات شابة ممكنة بالعلوم والخبرات الدولية التي تؤهلها لقيادة الدولة والانطلاق بها نحو فضاءات أوسع وآفاق أرحب.
وبقدر أهمية المراسيم والقرارات التي أصدرها صاحب السمو رئيس الدولة بالأمس في بناء الدولة، فإن أبعادها ومآلاتها تنطلق في مجالات كثيرة وعديدة، إذ جاءت معبِّرةً عن قوة البناء وتَوحّد البيت الإماراتي، كما أظهرت مدى التكامل والتلاحم الوطني والشعبي بين القيادة والشعب، من خلال ما حظيت به تلك المراسيم من قبول شعبي لدى مواطني الإمارات جميعاً، وتحديداً من جيل الشباب الذي رأى في هذه المراسيم تمكيناً لقيادات نشأت وشاركت القادةَ فكرَهم وعملهم، وتشبعت بفكر القادة المؤسسين ونهجهم القويم. وعلى المستوى الرسمي الوطني والإقليمي، فقد كانت تلك المراسيم محل تأييد وترحيب وطني من خلال أصحاب السمو حكام الإمارات وأولياء عهودها، إضافة إلى أصحاب السمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي. 
ولعل أبرز ما يمكن الوقوف عنده في جملة تناول المراسيم الأميرية التي أصدرها صاحب السمو  رئيس الدولة، ما عبَّر عنه صاحبُ السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تغريدته التي بارك فيها سموُّه تلك المراسيم، وعبَّر عن تهانيه لسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، بثقة رئيس الدولة بتعيينهم في مناصبهم الجديدة، موجِّهاً رسالتَه الملهمة للإمارات جميعاً: «بكم وبإخوانكم القادة من الجيل الجديد تستمر المسيرة، وتعلو الراية، ويترسخ المجد»، وهي الرسالة الأهم في فهم وقراءة المراسيم الأميرية التي أصدرها صاحبُ السمو رئيس الدولة بالأمس، فتمكين جيل الشباب من قيادة الإمارات في مرحلتها المقبلة، والانطلاق بها إلى تحقيق الغايات والأهداف التي تم رسمها للخمسين عاماً القادمة، هي مرحلة بالغة الأهمية في بناء الدولة وتحقيق ريادتها العالمية، وهي بلا شك ستعزز من بناء بيت الحكم الإماراتي القائم دائماً على نهج الآباء المؤسسين».

*كاتبة إماراتية