شدد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا على أهمية العلاقات مع الهند أثناء حديثه عن الخطوط العريضة لمخطط اليابان الخاص بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ خلال زيارته إلى الهند. كيشيدا كان في الهند هذا الأسبوع من أجل محادثات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ولتوضيح خطته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وقد لاقى حديثُه الذي أعرب فيه عن الأمل في دعم رؤية لمنطقة محيطين هندي وهادئ حرة ومفتوحة من أجل أمن وتعاون اقتصادي أكبر، الترحيبَ والإشادةَ من قبل المحللين السياسيين الهنود. ففي خطاب ألقاه على مفكرين وأكاديميين هنود في «المجلس الهندي لشؤون العالَم»، وهو مركز أبحاث مرموق وذو شهرة دولية، قال رئيس الوزراء الياباني إن الخطة الجديدة لمنطقة محيط هندي ومحيط هادئ حرة ومفتوحة تقوم على «4 ركائز» هي: حفظ السلم، والتعاطي مع المشاكل العالمية الجديدة في التعاون مع بلدان المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وتحقيق الترابط العالمي من خلال منصات متنوعة، وضمان سلامة بحار وأجواء مفتوحة. ولتطبيق هذه الخطة، وعد كيشيدا باستثمارات بمليارات الدولارات لمساعدة البلدان الواقعة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على التعاطي مع مشكلات مختلفة، من قبيل الوقاية من الكوارث والأمن البحري. كما تعهد بـ 75 مليار دولار لدول الجنوب كاستثمارات خاصة وقروض بالين الياباني بحلول عام 2030، في مختلف المجالات من النمو الصناعي إلى الوقاية من الكوارث.
وهذه ليست المرة الأولى التي يختار فيها رئيس وزراء ياباني إلقاءَ خطاب رئيسي في السياسة الخارجية في الهند. فخطة كيشيدا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ تأتي بعد سنوات على إلقاء رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي الذي تحدَّث في البرلمان الهندي عن «قوس الحرية والازدهار» الذي بات يعرف الآن بـ «المحيط الهندي الحر والمفتوح». وقد تم هذا حتى قبل أن يتخذ «الحوارُ الأمني رباعي الأطراف» شكلَه الحالي. وتُعد الهند واليابان إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا جزءاً من «الحوار الأمني رباعي الأطراف»، وهو تجمع أخذ يلفت الانتباه وتنظر إليه الصين باعتباره «حلف ناتو آسيوياً». غير أن بلدانه الأعضاء تنفي ذلك، إذ أكدت الهندُ أن المجموعةَ تسعى لفعل الخير وليست موجهة ضد أي بلد. بل إن الراحل آبي تحدّث في خطابه حول «التقاء البحرين» في الهند عن أهمية أن يصب المحيطان الهادئ والهندي في «آسيا أوسع». ويبدو أن خطاب كيشيدا يمثّل استمراريةً لتلك الدبلوماسية اليابانية، حتى في وقت أصبحت فيه ملامح «الرباعي» أكثر وضوحاً. 
زيارةُ رئيس الوزراء كيشيدا سبقتها زيارةُ رئيس الوزراء الأسترالي أنثوني ألبانيز. ومن المرتقب أن يلتقي القادة الأربعة أيضاً خلال قمة «الرباعي» المقررة في وقت لاحق من هذه السنة. وبالنسبة لليابان، أصبحت الهندُ أكثر بروزاً ولفتاً للانتباه وسط توافق وجهات النظر حول العديد من القضايا. ولفت رئيس الوزراء مودي خلال زيارة كيشيدا إلى أن الشراكةَ الهندية اليابانية مبنيةٌ على قيم ديمقراطية مشتركة واحترام لحكم القانون، وأنها تدعم السلامَ والاستقرار في المنطقة. ويذكر في هذا الصدد أن العلاقات بين الهند واليابان تتقدم بسلاسة، إذ يُنظر إلى تعزيز التعاون باعتباره ميزة لكلا البلدين القلقين بشأن تنامي الأنشطة الصينية في المنطقة، إذ لدى الهند نزاع حدودي قديم مع الصين، وتشعر بالقلق من تنامي العلاقات الصينية الباكستانية، كما أن اليابان أيضاً لديها نزاعها الترابي هي الأخرى مع الصين. 
وقد وجّهت الهندُ الدعوةَ لليابان كي تصبح جزءاً دائماً من المناورات البحرية الثنائية مع الولايات المتحدة. وهذه السنة ستستضيف أستراليا مناورات مالابار لأول مرة. ولدى كل من الهند واليابان اتفاق متزايد حول المواضيع الاستراتيجية والاقتصادية، إذ تؤمنان بأهمية عالم متعدد الأقطاب، وهو رأي أملته التطورات في آسيا وأوروبا. 

ومن جانبه، دعا رئيس الوزراء الياباني كيشيدا نظيره الهندي مودي إلى المشاركة في قمة مجموعة السبع المقررة في مدينة هيروشيما خلال الأشهر المقبلة كمراقب. ويذكر أن الهند تتولى حالياً رئاسة مجموعة العشرين، ومن الواضح أن البلدين يسعيان إلى تحقيق الاتفاق والانسجام حول بعض المواضيع. وكجزء من رئاستها لمجموعة العشرين، سعت الهند إلى تمثيل آراء بلدان الجنوب وجعل ذلك نقطة مركزيةً ضمن دبلوماسيتها. وفي هذا الإطار، اتفق الزعيمان على التركيز على بلدان الجنوب والمشاكل التي تواجهها، من التضخم إلى تغير المناخ.
وتتشارك الهند واليابان علاقات اقتصادية قوية، فالتجارة بين الجانبين بلغت قيمتها 20.57 مليار دولار في السنة المالية 2021-2022. والاستثمارات اليابانية في الهند بلغت 32 مليار دولار بين 2000 و2019. كما تدعم اليابان تطوير البنية التحتية في الهند، بما في ذلك مشروع خط القطار فائق السرعة. 

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي