يمكن تلخيص سياسة الرئيس جو بايدن النفطية في ألاسكا في أنها مشروع واحد إذا كان النفط مستخرجاً من البر، ولا شيء إذا كان مستخرجاً من البحر. فقد تمت الموافقة يوم الاثنين على مشروع «ويلو» لشركة كونكوفيليبس في شمال ألاسكا، مع فرض قيود جديدة على التنقيب في بحر بوفورت قبالة الساحل. ومن ناحية، يدعم بايدن الأولويات البيئية لحزبه متمثلةً في تعهد حملته الرئاسية بإنهاء التنقيب على الأراضي الاتحادية وإقراره الصيف الماضي لقانون الحد من التضخم الذي يدعم اتباع سياسات خضراء.. ومن ناحية أخرى، هناك مطالب أمن الطاقة التي زادت حدتها نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة والارتفاع الكبير لأسعار النفط في محطات التزود بالوقود الصيف الماضي. وتستهدف الموافقة على مشروع «ويلو» معالجة هذا الجانب الأخير، مما يشير إلى البراجماتية في مواجهة الأزمة. ولعله من الجدير بالذكر أن العضو الوحيد من ألاسكا في مجلس النواب، وهي «الديمقراطية» ماري بيلتولا، المنحدرة من سكان ألاسكا الأصليين، هي من مؤيدي المشروع كمصدر للتنمية الاقتصادية في ولاية تحتاج إليها. وليس من قبيل المصادفة أنه عند النقر على الرابط الخاص بمشروع «ويلو» على موقع شركة كونكوفيليبس على الإنترنت، فإن أول ما يظهر لك هو مقولة تأييد للمشروع من بيلتولا.
لكن حدس الإدارة ظل يميل بشكل واضح فيما يبدو إلى تقييد إنتاج الوقود الأحفوري بدلاً من التوسع فيه. وجاء البيان الصحفي الذي أعلن عن الموافقة على «ويلو» بعنوان «وزارة الداخلية تقلص بشكل كبير نطاق مشروع ويلو»، مع تسليط الضوء على موقعين مقترحين للبئر تم التخلي عنهما بدلاً من المواقع الثلاثة التي سيتم حفرها. وتم الإعلان عن القيود الجديدة على 2.8 مليون فدان بالقرب من الشاطئ من بحر بوفورت، وقبل يوم واحد من الموافقة على ويلو، بناءً على حظر سابق يؤثر على أكثر من 100 مليون فدان من مياه القطب الشمالي الذي فرضه الرئيس باراك أوباما. وبالمثل، يعتزم بايدن وضع قيود إضافية على 13 مليون فدان داخل محمية البترول الوطنية في ألاسكا، وهي المنطقة البرية التي يقع فيها مشروع «ويلو»، والتي تم تصنيفها بالفعل على أنها «مناطق خاصة» لحماية الحياة البرية والصيد المستدام. 
ولذا تَحْمل قيودُ بايدن، بمعنى ما، جرعةً كبيرةً من الرمزية على التأثير العملي. ويتضح هذا بشكل خاص في حالة الحظر البحري. فمواسم الحفر القصيرة خلال الأشهر الأكثر دفئاً تعني أن عقد الإيجار لمدة 10 سنوات في مياه القطب الشمالي يعادل ما بين ثلاث وأربع سنوات فقط من وقت العمل الفعلي، مما يؤدي إلى تطور بطيء. والوقت يضر بعائدات الاستثمار، خاصة مع تزايد العقبات أمام هذا الاستثمار بسبب المخاطر المرتبطة بالمناخ على الطلب طويل الأجل على النفط. ومن المحتمل ألا يصل مشروع أخضر في ألاسكا يبدأ في وقتنا الحالي إلى مرحلة الإنتاج قبل ما بين عامي 2040 و2060، بناءً على تقييم نشره مجلس البترول الوطني في عام 2019. كما أن شركات النفط الغربية الكبرى التي ستقوم بذلك على الأرجح لن تكون مستعدة للإنفاق، بغض النظر عن أسعار النفط.
وإلى جانب ما حازته من رضا بيلتولا، فازت موافقة بايدن على مشروع ويلو بتغريدة شكر من ليزا موركوفسكي سناتور ألاسكا «الجمهورية» التي ترأس لجنةَ الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس الشيوخ، وهي صديقة للسيناتور جو مانشين. وانتزع مانشين امتيازات للوقود الأحفوري مقابل تصويته المهم بتأييد قانون الحد من التضخم، بما في ذلك إجبار الإدارة على إجراء مزايدات عقود التنقيب في المياه الاتحادية كشرط أساسي لتأجيرها لمشروعات طاقة الرياح البحرية، وهي أولوية أخرى لبايدن. واستحوذ هذا الجزء من قانون الحد من التضخم على التوتر بين المشروع الأخضر طويل الأمد لبايدن واحتياجات أمن الطاقة على الفور. وشعر مانشين بالإحباط بسبب بطء وزارة الداخلية في جولات التأجير التي يجيزها الكونجرس للتنقيب عن النفط والغاز. وبقدر ما تشارك الإدارةُ موركوفسكي حماسَها للموافقة على مشروع (ويلو)، فإن القيود التي أضافها بايدن حول المشروع، سواء أكانت رمزية أم لا، تشير إلى أن الإدارة ستواصل استنفادَ الوقت قدرَ الإمكان حين يتعلق الأمر بوضع عراقيل أمام مزايدات خليج المكسيك. 
وهذا يترك بايدن معرضاً لبعض المخاطر. ويكمن المسار الأضمن لتحقيق انتقال الطاقة الذي يفضله الرئيس الأميركي في تقليص الطلب على الوقود الأحفوري من خلال التوسع في تقنيات مثل السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة. وقد تم تصميم إعانات قانون الحد من التضخم لتحفيز ذلك. لكن، كما هو الحال مع التنقيب في القطب الشمالي، ستستغرق هذه الأمور وقتاً. وحتى بافتراض الاستغلال الكامل، فإن القصور الذاتي الشديد في نظام الطاقة القائم يعني أنه من غير المحتمل أن يؤدي إلى انخفاض واضح في الطلب على الوقود الأحفوري حتى فترة طويلة من إدارة بايدن الثانية أو حتى بعد ذلك.
وبالطبع، ليس هناك ما يضمن فترة الولاية الثانية تلك. ولهذا السبب كان على بايدن الموافقة على مشروع «ويلو»، وهذا هو سبب دقة استراتيجيته لمحاولة موازنة ذلك مع القيود المفروضة على التطويرات الأخرى، سواء أكانت مباشرةً أم مضمرة. ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، ما زالت الاحتمالات مرتفعة لحدوث أزمات أخرى في أسواق الطاقة العالمية من الآن وحتى نوفمبر 2024. وعلاوة على ذلك، فإن سياسات المناخ في الولايات المتحدة ما تزال محتدمة بشدة لدرجة أن محاولة السير في طريق وسط ستثير غضب المتشددين من اليسار واليمين. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»