هناك درسان يمكن استخلاصهما من إنقاذ إدارة بايدن لبنك خلال عطلة نهاية الأسبوع، وكلاهما مؤلم. الأول هو أنه آن الأوان للتخلي عن الوهم المريح المتمثل في أن ضوابط السوق وتوازناته يمكن أن تساهم في مراقبة المصرفيين غير المسؤولين وضبط سلوكاتهم. والثاني هو أنه نتيجة لذلك فإن المراقبة المخيفة للبنوك من قبل الجهات الرقابية بعد أزمة 2008 لم تكن مخيفة بما يكفي في الواقع. 
حتى الآن، كانت عملية تقنين القطاع المالي وتنظيمه تقوم على فكرة أن بعض الفشل مرغوب فيه. فخلافاً للوائح التنظيمية الخاصة بسلامة الطيران المدني، حيث الهدف هو صفر حوادث تحطم، كان يفترض أن انهياراً مالياً عرضياً سيحفّز السلوك الحذر. غير أن بنك سيليكون فالي، وهو المؤسسة التي كانت في قلب الإنقاذ المالي لعطلة نهاية الأسبوع، شكّل مثالاً جيداً لمؤسسة إقراض كان يمكن السماح لها بالفشل، مما يلحق خسائر بالمودعين. ولكن بدلاً من ذلك، نجت شركات التكنولوجيا الناشئة ورأسماليو الاستثمارات المجازفة الذين ائتمنوا بغباء مصرفيين فاشلين على أموالهم وخرجوا سالمين من دون خدوش أو إصابات. 
ولنتأمل في ما يلي مدى تجنب القرار الحكومي للمخاطرة. فبنك «سيليكون فالي» كان مؤسسة إقراض متوسطة الحجم لا روابط لها تقريباً بالنظام المالي الواسع. وانهياره وقع في وقت يتّسم بتشغيل كامل، في وقت كانت فيه المخاوف بشأن تأثير واسع على الاقتصاد مستبعدة. وعليه، فأن تنقذ الحكومةُ مصرفيين ورأسماليين في 2008، حينما بدا أن الرأسمالية نفسها على وشك الانهيار، شيءٌ، وأن تفعل ذلك في وقت يبلغ فيه معدل البطالة أقل من 4 في المئة، شيءٌ آخر مختلفٌ تماماً. 
وإذا كان بنك سيليكون فالي لا يطرح أي خطر بالنسبة للاقتصاد الواسع، فإن التهديد بالنسبة للدينامية الأميركية كان مبالَغاً فيه أيضاً. فصحيح أن عملاء البنك – رواد أعمال ومستثمرون مرتبطون بهم – يساهمون بالفعل في الابتكار بشكل متفاوت. غير أنهم أيضاً مجازفون مستقلون يفتخرون بذلك، أشخاص اختاروا بمحض إرادتهم العمل في قطاع حيث انهيار الشركات أمر روتيني. والواقع أن سحر منطقة السيليكون فالي يكمن تحديداً في حقيقة أن الفشل يحتفى به باعتباره تجربة ينبغي التعلم منها. وعليه، فإذا فشلت مجموعة من الشركات الناشئة لأنها اختارت مصرفيين لا يمكن الاعتماد عليهم، فإن عالم التكنولوجيا يمكن أن يكون استخلص درساً مفيداً.
وعلاوة على ذلك، فإنه حتى الأسبوع الماضي كان المستثمرون المجازفون يشتكون من أن الكثير من رؤوس الأموال تغمر قطاعهم. إذ جمعت صناديق الاستثمارات المجازفة، خلال فقاعة الوباء، مليارات الدولارات، والكثير من رأس المال ذاك كان لا يزال على الهامش، منتظراً انخفاض تقييمات الشركات الناشئة إلى مستوى معقول. وكان من الممكن أن يكون بنك سيليكون فالي الصدمةَ التي تؤدي إلى إعادة ضبط وبداية جديدة. ولكن الآن، وبسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، لن يضطر السوق لإعادة التأقلم. 
القصد هنا ليس هو أن الإنقاذ كان قراراً في غير محله. فهناك حجة قوية مفادها أن رواد الأعمال ينبغي أن يكونوا قادرين على إنشاء الشركات، وجمع الرأسمال، ووضع الأموال في بنك من دون الحاجة إلى القلق بشأن ما إن كانت الأموال ستكون في مأمن. فالشركات الناشئة ينبغي أن تركز على اختراع منتجات، وليس إجراء تحريات حول البنوك. 
وبدلاً من ذلك، فإن الفكرة هي أنه إذا كان مودعو بنك سيليكون فالي من رواد الأعمال الأشداء قد استفادوا من الإنقاذ المالي، فإن كل المودعين المقبلين سيحصلون على إنقاذ مالي، الإنقاذ حين يحدث الفشل المصرفي التالي على نحو لا مفر منه. والأكيد أن عملاء مؤسسات الإقراض المتوسطة الفاشلة الأخرى سيكونون أقل قدرة على الصمود من دون مساعدة حكومية. 
وبالتالي، فقد حان الوقت للتخلي عن فكرة أن البنوك ينبغي أن تدبّر نفسها بحذر لجذب الودائع. ذلك أن صفر خسائر بالنسبة للمودعين تساوي صفر انضباط من جانب المصرفيين. ومن هنا فصاعداً، فإن الضمانة الوحيدة لسلوك سليم ستكون هي عملية تقنين وتنظيم سليمة. 
وهذا مثير للقلق، لأن انهيار بنك سيليكون فالي يُبرز مدى عيوب حتى أفضل الجهات الرقابية. ذلك أن بنك سيليكون فالي كان تحت إشراف الاحتياطي الفيدرالي، الذي يفترض أنه الأكثر خبرة واستقلالية من بين كل الجهات الرقابية. 
غير أن هناك حلاًّ. فبعد أزمة 2008، بدأ الاحتياطي الفيدرالي في إجراء اختبارات جهد دورية للمقرِضين الكبار. وتُعد هذه الاختبارات طريقة لتحويل عملية طرح الأسئلة إلى إجراء روتيني: هل سيبقى البنك سليماً إذا شهد البنك ركوداً، أو انخفض الدولار بحدة، أو ارتفعت أسعار النفط؟ الدرس المستخلص من نهاية الأسبوع الماضي هو أنه حتى البنوك متوسطة الحجم تحتاج لهذا النوع من الانتباه. 
خلال سنوات ترامب، غيّرت السياسة اتجاهها وسارت في الاتجاه المعاكس. إذ تراجع الكونجرس عن بعض الإجراءات الاحترازية التي تم تبنيها بعد 2008، وقرر الاحتياطي الفيدرالي أنه ليست هناك حاجة لإثقال المقرِضين متوسطي الحجم بشكل مفرط. غير أنه إذا رفض المودعون تأديب المصرفيين، فعلى الجهات الرقابية أن تفعل ذلك. وإلا، فإن عمليات الإنقاذ المالي ستصبح شائعة ومألوفة جداً – وأكثر تكلفة بكثير بالنسبة للاقتصاد من عملية تقنين وتنظيم سليمة. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»