إن ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية له آثار اقتصادية كبيرة، بفضل قدرة هذه النماذج على تقديم منتجات وخدمات وتجارب جديدة في وقت قصير، وفي الوقت نفسه تتمتع هذه النماذج بالقدرة على دفع الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي، عبر مختلف الصناعات والقطاعات. ومن الواضح أيضاً أن استخدام هذه النماذج التوليدية يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، لا سيما في مجالات علوم البيانات وتطوير الذكاء الاصطناعي، ودفع عجلة الاقتصاد الرقمي والشركات التكنولوجية الناشئة، باستخدام هذه النماذج في قطاعات عديدة.

نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية ستساهم في تسريع قطاع الصناعة وتقليل الوقت اللازم للإنتاج والخدمات، بحيث يتم استخدام هذه النماذج في اكتشاف ووضع النماذج الأولية للخدمات والمنتجات ومشاركة الخبراء البشريين، مما يوفر فرصاً كبيرة لتخفيض التكاليف وتقصير الجدول الزمني بين الشركات وعرض المنتج والمستهلك.

نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية Generative AI models ستؤثر على صناعات متعددة مثل الأدوية وعلوم المواد المتقدمة وتصميم الرقائق وأشباه الموصلات والبيانات التركيبية والبرمجة الرقمية، مما يقلل من الوقت المستغرق في تطوير المنتج من أسابيع مع الخبراء البشريين إلى ساعات، باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية. كما يمكن استخدمها في تسريع الاكتشافات العلمية في علم الأدوية والطب الحيوي.

لن يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على اقتصاد بلد واحد أو منطقة إقليمية فحسب، بل سيكون تأثيره على نطاق عالمي. ولن تقتصر فوائد نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة على البلدان المتقدمة فحسب، بل يمكن أن يكون لها أثر كبير على اقتصادات البلدان النامية أيضاً. تتلقى شركات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الناشئة استثمارات كبيرة من شركات تمتلك رؤوس أموال استثمارية ضخمة.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، تم استثمار أكثر من 1.7 مليار دولار في حلول الذكاء الاصطناعي التوليدية، لدعم اكتشاف الأدوية والبرمجة الآلية باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وووفقاً لدراسة أجرتها جارتنر Gartner، سيتم اكتشاف أكثر من 30% من الأدوية والمواد الجديدة بشكل منهجي، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية بحلول عام 2025. ولدى تقنيات الذكاء الاصطناعي القدرة على تحويل مختلف الصناعات وإحداث ثورة صناعية قادمة لها تأثير كبير على المجتمع والاقتصاد.

على سبيل المثال، في القطاع العام، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتبسيط وأتمتة العمليات المختلفة، مما يجعلها أكثر كفاءة ويقلل من عبء العمل على موظفي الحكومة.

في قطاع الإعلام، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتلخيص المحتوى والتوصية بالمقالات وتحسين آلية تجميع الأخبار والاستنتاج في زمن قياسي، كما أن لديها القدرة على «اختراع» تصميمات جديدة. وتتوقع Gartner أنه بحلول عام 2025، سيتم إنشاء 30% من رسائل التسويق الصادرة من المؤسسات الكبيرة صناعياً.

كما تشير التوقعات أنه بحلول عام 2030 سيتم استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي Generative AI في إصدار الأفلام، وسيكون 90% من محتوى الفيلم الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. من المهم للحكومات والشركات والمنظمات الأخرى أن تنظر في الآثار الاقتصادية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أثناء قيامها بتطوير استراتيجيات للابتكار والنمو الاقتصادي باستخدام الذكاء الاصطناعي العام والمعروف باسم AGI.

ومن خلال تبني تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة والاستثمار في تطوير المهارات والبنية التكنولوجية، تستطيع الدول أن تضع نفسها في طليعة ثورة اقتصادية جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي العام والاقتصاد الرقمي المرتبط بالتكنولوجيا المتقدمة في القطاعات كافة.

* خبيرة إماراتية في الذكاء الاصطناعي.