تستمر دولة الإمارات العربية المتحدة على نهجها الذي اختطته منذ العام 2015، وهو عام الابتكار، وذلك بترسيخ ثقافة الابتكار في مجتمع الدولة وتحفيز المواطنين في مختلف المجالات على صقل مهاراتهم الإبداعية والعمل على تحويل الأفكار إلى ابتكارات متميزة.

وقد قامت الدولة بالإعلان عن السياسة العليا في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والتي تتضمن 100 مبادرة وطنية، وتهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية. ومن تلك الأهداف تعزيز وسيلة مستدامة للاستثمار في الطاقات البشرية الإماراتية، وتحفيز النشاط الاقتصادي للدولة، بعيداً عن الاعتماد على النفط، بجانب تعزيز القدرات التنافسية العالمية لدولة الإمارات، وتحويل مفهوم الابتكار إلى عمل وثقافة مؤسسية فعّالة ودائمة في حكومة دولة الإمارات.

وتركز الغاية الرئيسية من كافة سياسات ومبادرات الابتكار في الدولة على الاستثمار في المواطن الإماراتي، والارتقاء بمعارفه في مجال العلوم والتكنولوجيا، وذلك لكي يتمكن من المساهمة بفعالية وإيجابية في مختلف حقول التنمية الوطنية ومن أبرزها أبحاث الفضاء، وصناعات الطيران المتخصصة، والصناعات الدوائية العالمية، وأبحاث الطاقة الشمسية، والطاقة النووية السلمية، وبرامج الذكاء الاصطناعي، وغيرها. ونتيجة لتلك الجهود قامت كل الجهات الحكومية، الاتحادية والمحلية، باستحداث أقسام وإدارات خاصة بالابتكار وتشكيل فرق عمل متخصصة وتنفيذ استراتيجيات ومبادرات ابتكارية وطرح جوائز سنوية للابتكار.

ولعل من أبرز الجهات الحكومية وزارة الدفاع والتي قامت بتأسيس «جائزة القوات المسلحة للتميز والابتكار» تماشياً مع أهداف السياسة العليا للابتكار في الدولة، كما أن وزارة التربية والتعليم، ممثلة في مؤسسات التعليم الفني والمهني، تقوم أيضاً بجهود جبارة لتشجيع المواطنين الدارسين لديها على طرح وتطبيق مختلف الأفكار الابتكارية في كل الحقول والتخصصات.

وفي هذا المجال يحتل مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني مرتبة الريادة في ربط الابتكار بمناهج التعليم المهني الأمر الذي يجعل من خريجي مؤسسات التعليم في المركز هدفاً مستمراً للاستقطاب من جانب جهات العمل التي تركز في عملياتها على الجوانب العملية التطبيقية بصورة أكبر من النظرية.

ويقوم مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني سنويا بتنظيم «منتدى القادة» ضمن أعمال الدورة السنوية من «أسبوع التعليم التقني» الذي ينعقد على هامش فعاليات الدولة في شهر فبراير وهو شهر الابتكار. ويهدف المنتدى إلى دعم وتطوير الكفاءات الوطنية لتحقيق تعليم مستدام من خلال ترسيخ مفاهيم الريادة والابتكار لدى الشباب.

ولم يقف الأمر فقط عند الجهات الحكومية والتعليمية، بل تجاوزها إلى منظمات المجتمع المدني إذ تم تأسيس «جمعية المخترعين الإماراتية» لتكون المظلة لكل الموهوبين والمبدعين من المواطنين والمقيمين على أرض الدولة وتوفر لهم البيئة المناسبة للابتكار والدعم القانوني في هذا المجال لحفظ حقوق المبتكر.

وتعمل الجمعية على أن تكون أحد أبرز روافد اهتمامات الإمارات بالاختراع والابتكار والذكاء الاصطناعي والبحث العلمي لتعزيز المعرفة والتطور في الدولة. ومما لا شك فيه أن كل تلك الجهود تعمل على هدف استراتيجي وهو وضع الإمارات على طريق التميز في كل المجالات بسواعد وطنية مبدعة وموهوبة.

* باحث إماراتي