تشهد دولة الإمارات مرحلةً جديدةً من العمل المناخي، حيث أطلقت استراتيجيةَ الحياد المناخي 2050، ومبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ»، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها الإمارات والولايات المتحدة بمشاركة أكثر من 35 دولة، كما تستعدّ لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب 28»، الذي يُعدّ أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي.
وباعتبارها بلدًا منتجًا لمصادر الطاقة الأحفورية، فإن الإمارات حريصة على عدم التفريط في هذه الثروة الطبيعية وتسخيرها في جهود التنمية الشاملة، وجعلها وقودًا لجهود العمل المناخي، من خلال استثمار جزء مهمّ من عائدات النفط في مشاريع وطنية ودولية كفيلة بالحد من البصمة الكربونية، وتمويل الحلول التكنولوجية التي سيكون لها الدور الأبرز في إنجاح الجهود العالمية للحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري. 
وتُقدّم دولة الإمارات مثالًا على الصعيدَين الإقليمي والدولي في تكييف قطاع النفط، وجعله فاعلًا رئيسيًّا في جهود الانتقال الأخضر؛ إذ يُعدّ هذا القطاع في الدولة الأقل على مستوى العالم من حيث الانبعاثات الكربونية، حيث يفرز نحو 10 كيلوغرامات من ثاني أكسيد الكربون عن كل برميل من النفط، وهو رقم بعيد عن المتوسط العالمي البالغ 18 كيلوغراماً. كما أنه قطَع أشواطًا مهمّة في تطوير بنيته التحتية التكنولوجية لزيادة كفاءته التشغيلية وتقليص بصمته الكربونية، وخير مثال على ذلك مشروع شركة أدنوك بـ3.6 مليار دولار الرامي إلى استبدال الغاز الطبيعي المستخدَم في منشآتها البحرية بالكهرباء المولّدة بالطاقة الشمسية والنووية. 
وتقوم المعادلة الإماراتية للتعامل مع قضية المناخ على ركيزتين؛ الأولى مضاعفة إنتاج النفط، حيث يخطّط هذا القطاع لاستثمار 150 مليار دولار على المشاريع النفطية بحلول عام 2027 ورفع إنتاجه اليومي إلى 5 ملايين برميل. أما الركيزة الثانية، فتنطوي على استثمار جزء من المكاسب المحصلة من الموارد الأحفورية في تطوير وتنفيذ حلول الطاقة النظيفة. وفي هذا الصدد، ينفّذ قطاع النفط الإماراتي بعضًا من أكبر المشاريع في العالم لالتقاط الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه، كما أنه يستثمر بسخاء لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، ويعدّ مسهمًا رئيسًا في شركة «مصدر»، أكبر مطوري الطاقة المتجددة في العالم.
إن الاستفادة القصوى من الموارد الأحفورية والاستثمار بكثافة في مصادر الطاقة المتجدّدة هي معادلة ناجحة اعتمدت عليها الدولة في سبيل التوفيق بين متطلّبات التنمية في الحاضر ومقتضيات الاستدامة في المستقبل. ولا شك في أن اختيار شخصٍ مثل الدكتور سلطان الجابر، الذي تَجمَع خبرتُه المهنيةُ بين قطاعَي النفط والطاقة النظيفة، لرئاسة «كوب 28» هو ترسيخ لهذا النهج العملي والواقعي، الذي يعزّز فرصَ الإمارات و«كوب 28» في تحقيق أهدافهما المتعلّقة بحماية الكوكب. 

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.