في نهاية عام 2019 استفاق العالَم على كارثة وباء كورونا الخطير الذي سرعان ما تحول إلى جائحة شملت العالَمَ كلَّه تقريباً بلا استثناء، فأصيبت البلدان والمجتمعات بالذعر والهلع والذهول، فمن الدول من استسلمت للفيروس، ومنها من أعلنت حالة العجز عن مواجهته، ومنهما مَن توقع نهايةَ العالم واكتفى بانتظار مصيره.. بما في ذلك دول متطورة وعظمى لديها أمكانات اقتصادية وعلمية وتكنولوجية هائلة!
ومن تجارب النجاح القليلة والمميزة عالمياً في مواجهة كورونا تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي كانت استثنائية في فعاليتها وسرعة تعاطيها مع الجائحة، إذ سارعت الدولة منذ الأيام الأولى للوباء إلى اتخاذ حزمة إجراءات سريعة ومجموعة خطوات جريئة ومدروسة وفعالة وملهمة وناجعة، أسهمت بشكل كبير للغاية في احتواء الفيروس وتقليل تداعياته.. وذلك بفضل وعي القيادة الرشيدة وحكمتها وحرصها على سلامة المواطن والمقيم، حيث وجَّهت على الفور بتوفير كل الإمكانات لمواجهة الجائحة بشكل سريع وتام، ناهيك عن تعبئة جميع القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي بقدراته العالية أصلا، والذي اتخذ الإجراءات الصحيحة وأصدر الإرشادات الصائبة بشأن الجائحة، وكان تجاوب الجمهور الإماراتي (من مواطنين ومقيمين) مع هذه الإجراءات والإرشادات تجاوباً تاماً ومسؤولا، حيث أظهر الجميع على أرض الدولة احترامهم التام للتعليمات وتطبيقها بدقة والتزام كبيرين.
إن الاستعداد الجيدة للأزمة ساهم في نجاح التجربة الإماراتية في مواجهة الجائحة، علاوة على التحرك السريع لمحاصرة الفيروس ومنع تفشيه، بالإضافة إلى الثقة التي أظهرها ويظهرها دائماً الجمهوري الإماراتي إزاء كل القرارات والإجراءات الرسمية في الدولة.
وبقدار ما كان لهذه الأزمة من سلبيات وأضرار، فقد أظهرت أهمية كل القطاعات في الدولة، ولا سيما القطاع الصحي منها، وبينت الدور الكبير والمشرف لجيش الإمارات الأبيض من أطباء وممرضين وإداريين وعاملين في المؤسسات الصحية على اختلافها.
بيد أن الأهم هنا هو الدور العظيم الذي اطلع به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وكان ولياً لعهد أبوظبي وقتها، حيث شكلت قراراته الرشيدة وتعليماته الحكيمة ومواقفه الصائبة معلماً حقيقياً في سياسة الدولة ونهجها الحكيم، إذ بفضل هذه القرارات والتعليمات والمواقف نجحت الدولة في إدارة الأزمة نجاحاً منقطع النظير، وقامت بتوفير كل الرعاية الصحية وأسباب العلاج والدواء والتطعيمات واللقاحات، للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وكان هذا الموقف الإنساني النبيل أحد وجوه الدور الريادي والبطولي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في المعركة ضد الوباء. ومنذ الأيام الأولى للجائحة وقف سموه في مقدمة المحاربين لهذا الخطر، مترجماً موقفَه الرائع وفاءً وإخلاصاً لشعبه وللمقيمين على هذه الأرض. لقد حمل سموه رايةَ التحدي والتفاؤل، مع العزيمة والإصرار، بكل ثقة وشجاعة، حيث أكد منذ البداية أن الظروف الصعبة التي نشهدها ويشهدها العالَمُ ستمضي بإذن الله تعالى ونحن أكثر قوة وصلابة رغم التحديات العديدة التي نواجهها. وأضاف سموه أن العالَم كله يمر بظروف صعبة، ودولة الإمارات ولله الحمد محظوظة، فظروفنا أهون بسبب عدة عوامل رئيسة أولها همّة الكوادر ومعنوياتهم، والتي أخذت على عاتقها مسؤولية مواجهة فيروس كورونا المستجد في الصفوف الأمامية منذ بداية الوباء.

وما نلاحظه اليوم من أنشطة وفعاليات كثيرة، كالمهرجانات والندوات والمؤتمرات.. التي تشهد ازدحاماً ويتم فيها استقبال ضيوف الدولة وسط أجواء آمنة ومريحة للغاية، ذكّرنا بتلك الأيام الصعبة، والتي نتمنى أن لا تعود أبداً في هذا البلد المعطاء، والذي يعيش الآن أجواء بهية في أفضل مناخ وأكثره اعتدلا في العالم.

*كاتب سعودي