ماذا حدث في 2022؟ الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير 2022 طغت على جل التحليلات الجيوسياسية.
باتت روسيا الآن معزولة عن العالم الغربي، وإن كانت غير معزولة عن بقية العالم. واقتصادها تضرر جراء العقوبات، ولكنها تضررت أكثر بسبب رحيل الأدمغة والكفاءات التي تغادر البلاد فراراً من التعبئة والقمع. غير أن روسيا ستستمر في الوجود كبلد، ولن تتعرض للتقسيم والتفكيك. ولكن الاقتصاد الروسي سيتأثر سلباً على غرار دينامية البلد.
أوكرانيا بلد ضحية، ولكنها حصلت على وضع لم تكن تتمتع به، بما في ذلك وضع البلد المرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. يعاب على الأوروبيين أنهم يساعدون أوكرانيا مساعدة غير كافية. والحال أنهم تخلوا عن 18 مليار دولار من الأصول في روسيا، ويقدّمون مساعدة مادية مهمة، وإن كانت دون حجم المساعدة العسكرية الأميركية. ثم إن الأوروبيين يعتبرون أيضاً ضحايا غير مباشرين لهذه الحرب. 
إيمانويل ماكرون كان صرح في نوفمبر 2019 بأن حلف الناتو في حالة موت دماغي. وهذه المرة، يمكن القول إن الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية هي التي ماتت لأن البلدان الأوروبية كلها باتت خائفة من التهديد العسكري الروسي لدرجة أنها تريد الاحتماء تحت ظل الولايات المتحدة. 
وبالتالي، فإن هذه الأخيرة هي المنتصرة في هذه الحرب لأنها استعادت زعامتها لأوروبا، وفي الوقت نفسه جعلت العالم ينسى إخفاق كابول الذي أضر بمصداقيتها الاستراتيجية كثيراً. فاليوم، كل البلدان الأوروبية تطلب مساعدة متزايدة من الولايات المتحدة، بما في ذلك السويد وفنلندا اللتان شرعتا في إجراءات الانضمام إلى الناتو. 
وإذا كانت المسألة الروسية - الأوكرانية قد هيمنت على واجهة الساحة الدولية لبعض الوقت، فإن المسألة الحقيقية ذُكّرنا بها جميعاً هذا العام: إنها مسألة التنافس الصيني - الأميركي. والكثيرون يتساءلون حول ما إن كانت بكين ستقوم بعمل ما إزاء تايوان على غرار ما فعلته موسكو إزاء أوكرانيا. 
في الصين، أعاد شي جين بينغ تأكيد سلطته في الحزب الشيوعي الصيني بمناسبة المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي. إلا أننا نرى أن هناك رأياً عاماً في الصين وأن الصين لم تعد البلد الشمولي الذي كان قائماً في زمن ماو تسي تونج. ومن جانبها، تواجه إيران أيضاً حركة احتجاجية حيث ضاق السكان ذرعاً بالنظام.
وفي غضون ذلك، وقعت انقلابات جديدة في أفريقيا، حيث كانت الديمقراطية قد توسعت في السنوات الأخيرة. بوركينا فاسو ومالي وغينيا كلها دول شهدت عودة الانقلابات، وتُعد دليلاً على نوع من التراجع الديمقراطي في القارة. وفي إثيوبيا، هناك هدنة بين قوات تيغراي والجيش الإثيوبي. هذه الهدنة هشّة، ولكنها تجنّب البلاد استمرار المذابح. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، في منطقة كيفو، استأنفت حركة «إم 23» المتمردة القتال من أجل السيطرة على المواد الأولية في المنطقة. وبسبب ذلك، تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغنية بالمواد الأولية، أسوأ الفظاعات. ولكنه نزاع منسي، على غرار نزاعات منسية أخرى كثيرة، يُعتبر نسيانها لافتاً أكثر في سياق حرب أوكرانيا، ولاسيما من جانب الغربيين، وهو ما يساهم في تقسيم العالم إلى «الغرب ضد البقية». ففي البلدان غير الغربية، ليست هناك النظرة نفسها للنزاع في أوكرانيا. إذ يعاب على الغربيين أنهم يركزون على هذه الحرب لأنها تهمّهم بشكل أكثر مباشرة، وأنهم في الوقت نفسه ينسون الحروب الأخرى، ضمن أسلوب «ازدواجية معايير» يكرس الانقسام ويفاقمه. وخلاصة القول إنه إذا واصل الغرب الرغبة في التصرف مثلما كان يفعل من قبل عبر فرض أجندته وإرادته وتصوراته على بقية العالم، فإنه ذاهب إلى فشلٍ ذريعٍ لا محالة.

*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس