أحمد عبد الرحمن الساعاتي والذي أصبح يعرف لاحقاً ب «حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا» هو أحد أبناء شخص يدعى (أحمد عبد الرحمن) وهو أسم مركب، وقد هرب مع عائلته من المغرب إلى مصر أثناء الحرب العالمية الأولى. كان يعمل في المغرب بإصلاح الساعات، وهي مهنة كان يحتكر اليهود العمل بها في المغرب.استقر المقام بوالد حسن البنّا وعائلته في قرية المحمودية بمحافظة البحيرة، وهي محافظة كان يستوطنها أكبر عدد من أبناء الطائفة اليهودية في مصر. حسن البنا أصّر على تعيينه في الإسماعيلية مقرّ وجود المخابرات البريطانية آنذاك، وذهب وهو في سن 22 سنة فقط لمدير شركة قناة السويس حينها وطلب منه تزويده بمبلغ 500 جنيه مصري - وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت - لتأسيس جماعة تسمى «الإخوان المسلمين» وبناء مقرّ لها، وتمت الموافقة دون تردد على طلبه وهو لا يملك أي خبرة سابقة في أي مجال يذكر!
فبعد أن فشل التواجد الأجنبي في السيطرة على مقاومة المصريين والحركات الوطنية المناهضة لتواجده على أراضيها، لم يكن أمام تلك القوى من مفرّ غير أن تزيد من فعالية وتسارع سياسة «فرّق تسد» من خلال الحركات الدينية كذريعة لتقسيم الوحدة الوطنية وإخمادها، وهي تدرك تماماً أن الدين هو مربط الفرس، ولكن ما هو سر انتشار جماعة الإخوان المسلمين مثل النار في الهشيم في كل المحافظات المصرية، وتنظيم غير مسبوق في العالم العربي ! كيف استطاع مدرّس خط اللغة العربية، الشاب والمزارع، ومن يصلح إطارات الدراجات الهوائية والسبّاك، وغيرها من المهن التي لا تحتاج إلى تعليم رسمي حينها من تأسيس جماعة بتلك الدقة والتنظيم؟ ولها سياسات وإجراءات، وأخذت في الوصول بأفرعها إلى كل الدول التي كانت تحت الاحتلال أو الانتداب أو الوصاية البريطانية في الوطن العربي في تسلسل أحداث يبقى سراً ليومنا هذا.
ومن المصادفة أيضاً أن تأسيس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الثمانينيات استضافته القارة الأوروبية، وكل مؤسسات «الإخوان» الاقتصادية الكبرى كانت تُدار من أوروبا وأميركا، وبين مزدوجين (هي لم تكن تعلم بما كان يدور على أراضيها)!
إذاً، الإرهاب صناعة لكون تأسيس الجماعات الإسلامية ليس من أصل الإسلام، وهو مخالف للشريعة الإسلامية بإجماع علماء المسلمين في الماضي والحاضر، ولم تنشأ جماعة تكفيرية مسلّحة في العالم العربي لم يكن لمؤسسها ظل يرافقه من شخص جاء من دولة شرق أوسطية، أو كان مقيماً في المهجر الغربي وهو متهم بأنه عميل مزدوج تم تجنيده من جهاز المخابرات (أ أو ب)، وهي كذلك مجرد مصادفة خلصنا منها إلى أن هذه المصادفات العديدة ليس لها أول ولا آخر، وهي بمثابة الأحجية التي صممت دون أن يكون لها حل ممكن!
فهل جاءت جماعة «الإخوان» لتعرّف المسلمين بالإسلام؟ أم جاءت لأسباب أعمق من السبب الظاهر لجماعة تواطأت منذ نشأتها مع الاستخبارات الأجنبية لإشباع أطماعهم السياسية التي تستطيع الوصول إلى السلطة، ومن ثم تحقيق أحلامهم في إعادة «دولة الخلافة» من خلال حجة أن «الضرورات تبيح المحظورات»، في علاقة غير متكافئة تديرها أجهزة حكومية تسخّر لها إمكانيات حكومات بأكملها من أجل تحقيق مصالح بلدانها، وتدمير وتخريب العالم العربي والإسلامي من خلال تغلغل الماسونية التي تم نقلها إلى قلب صناعة القرار والتخطيط والتنظير الفكري داخل جماعة الإخوان، وبين أهم قياداتها ليبقى ذلك حقيقةً الخطر الأكبر على العالم الإسلامي بأسره.
ونتساءل: كيف لجماعة الإخوان التواجد ليومنا هذا لولا جهود من يريدون عودة مستعمراتها السابقة إلى عصور الظلام، والحصول على ما لدى العالم الإسلامي من خيرات هم يرون أن المسلمين غير مستحقين لها وهم مجرد أمناء مؤقتون عليها.
* كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات